بقلم فادي أبو ديب
ينشغل العالم حالياً بالوثائق الدبلوماسية والعسكرية التي يسرِّبها موقع ويكيليكس، الذي يقول أنه يمتلك حوالي ربع مليون وثيقة منها، الكثير منها مصنَّف على أنّه سرّي للغاية، حيث تحتوي هذه الوثائق على مراسلات دبلوماسية سرّية، فيها ما فيها من الخفايا التي كشفت لأول مرّة في التاريخ، الكثير والكثير من خفايا التعاملات بين الأمم، مما جعل عدداً كبيراً من قادة العالم وسياسييه، ولأوَّل مرّة في التاريخ، وبهذا العدد والحجم في وقت متزامن، يرتجفون اضطراباً وهم ينتظرون عشرات آلاف الوثائق التي تفضح خفاياهم وتبيِّن خداعهم على العَلَن.
هذا الحدث سيكون له أثر غير قابلٍ للترميم في فقدان الأمم ثقتها ببعضها البعض، ويؤكِّد على هشاشة العلاقات الدولية والسلام العالمي المزعوم، هذا السلام الذي يظنّ العالم أنه قادر على تحقيقه بمعزلٍ عن السيِّد الرب. إلا أن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: من كان يتوقَّع يوماً هذا الكم الهائل من الفضائح والكشوفات التي لا يعلم أحدٌ، بما فيه المسؤولين عن الموقع المذكور، مداها وحجمها وما هو آتٍ بعدها من فضائح أخرى؟ لو تسنّى لأحدٍ ما أن يتوقَّع هذا الحدث الكبير قبل سنين، أما كان سيبدو كلامه غير معقول ولا يمتّ للواقع بصلة؟
هذه الفضائح تعطينا صورة مصغَّرة لما هو عتيدٌ أن يُستَعلَن عندما سيأتي الرب، ويكشف خفايا القلوب. قد يبدو هذا الآن غير معقول، ولا يملك أحدٌ صورة عنه ليتخيَّل حدوثه وكيفيّته، ولكن هذا لا ينفي حقيقة هذا الشيء، وأنّ الرب قد “أقام يوما هو فيه مزمع ان يدين المسكونة بالعدل برجلٍ قد عيّنه مقدِّماً للجميع إيماناً إذ أقامه من الأموات” (أعمال17: 31). في ذلك اليوم لن يكون هناك مجرَّد رجلٍ تملأه الخطية، قابل للملاحقة، كجوليان أسانج، بل سيكون هناك الرب نفسه “الذي سينير خفايا الظلام ويظهِر آراء القلوب” (كورنثوس الأولى4: 5) لأنّه “ليس خليقة غير ظاهرة قدّامه بل كلّ شيءٍ عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه أمرنا” (عبرانيين4: 13).
تلك كانت ناحية، أما الناحية الأخرى فهو كما قلنا سابقاً بأن هذه الفضائح تكشف كم هو العالم غير مستقرّ وقابل للانفجار في أيّة لحظة. هذه الأحداث ليست سوى عاملٍ من عوامل عدّة ستلعب دوراً في تخريب العلاقات بين الأمم، ومسمارٍ آخر في نعش عالمٍ يعيش في الفساد والخطيّة والاضطراب الدائم.
ماران آثا