فادي أبو ديب
قالوا لي أنّ يسوع شابّ ناعم المحيّا، رقيق اللسان، يريد رضى الناس. يسوع جاء يستجدي عطف الناس وحبّ الناس. كان يسجد أمام أرجل كل من يصادفه ليرتجيه أن يتبعه، ثم يطلب منه أن يسامحه إن أغضبه أو فاه بما ينفّره أو يتعدّى على مشاعره.
فقلت لهم لا أعرفه! ولكنني أعرف يِشوع الذي من الناصرة، ذلك الرجل الذي كان يتكّم بسلطان فيبهر الناس، الحنّان الذي وإن كان ينظر فيحبّ ويشفي.إلا أنه أيضاً هو الذي نظر إلى تلاميذه بعد أن هجره الكثير من تابعيه، قائلاً” “ألعلّكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا؟!”(يوحنا6: 67). يِشوع المعلّم الذي زلزل كيان نيقوديموس أحد أكثر معلّمي إسرائيل نفوذاً، حينما أظهره بمظهر الجاهل الذي لا ييعلم معنى الولادة من فوق، من الماء والروح، مع أنها واردة في سفر حزقيال، وكأنه يقول لذلك المعلّم اليهودي الذي جاء يمدحه “أنت لا تعلم الكتب رغم أنك معلِّم إسرائيل”، بدل أن يستغل مجيئه إليه بالعمل على كسبه إلى صفّه.
قالوا لي بأن الحكمة تقتضي بألا نفضح الخطأ وألا نشير إلى الخطيئة ونسمّيها باسمها الحقيقي، خوفاً على مشاعر الناس، وحتى نضمن ألا ينفروا. قلت لهم لقد علّمني يِشوع بألا أخاف من فضح خطيئتي فكيف لي أن أصمت وأنا أرى اسمه يُهان بتعاليم تجرِّد المسيحية من كل ثورتها على العالم ومقاييسه. وكيف لي أن أكون أكثر نعومة ورقيّاً واتّياعا للإتيكيت والبروتوكول والقاعدة والعُرف من يِشوع الذي أجاب تلاميذه بعد أن أخبروه أن الفرّيسيين نفروا من كلامه بالقول:
“كل غرس لم يغرسه أبي السماوي يُقلَع. اتركوهم! هم عميان قادة عميان” (متى15: 13و14أ)؟؟؟
لم يسعَ يِشوع إلى رضا أحد فلماذا نكون نحن أكثر “أدباً” من الذي وصف هيرودوس بالثعلب؟!(لوقا13: 32)
لماذا أصبحت مسيحيتنا بعيدة عن كل مفاهيم الثورة على النفس أولاً، وعلى القيم الفاسدة ثانياً؟! من هو يسوع هذا الذي اختلقه بعض من أراد للمسيحيين أن يصبحوا جثثاً محنّطة؟ أين ذاك من يسوع الحقيقي، يِشوع الجليلي، الرابّي والإله-الإنسان، الثائر الذي لم يساوم أحداً، ولم ينتظر دعماً من أحد، بل شقّ طريقه وحيداً، رغماً عن الجميع، مخالفاً كلّ الأعراف، بدون أن ينظرخلفه، مكتفياً بكلمة “اتبعني”. وإن لم يرُِد المدعوّ أن يتبعه، لم يكن يتوقَّف ليقنعه، بل كان يقول “ليس أحدٌ يضع يده على المحراث وينظر إلى الوراء يصلح لملكوت الله” (لوقا9: 62) و”من لا يحمل صليبه ويأتي ورائي، فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً” (لوقا14: 27). لقد امتلأت الكنيسة المسيحية بأنصاف التلاميذ، وبمن يظنّون أن الرب هو الجد سانتا كلوز، عمله فقط أن يغدق البركات المادّية الوافرة، غير عالمين أنهم عبيدٌ بطّالون، وأنّ ما يُسمّى بإنجيل الازدهار هو في الحقيقة سرطانٌ خبيث يفتك بالقلوب والعقول. وأنه يكفي المسيحي أن يطلب ملكوت الله، وأن يتمتّع ببركات الرب في تأمين معيشة أرضية صالحة وكافية، وبركاتٍ روحية غزيرة، لن يبخل الربّ بأيّ منها
أين هو يِشوع في الكنيسة اليوم؟ يِشوع الذي جعل الأرض تميد تحت أقدام المرائين والفرّيسيين، غير خائفِ من ان يكون قد “تجاوز حدود الأدب” في توبيخه وإعلان الحقّ الإلهي، وغير خجلٍ بانفصاليته الواضحة عن قيم العالم الذي أعلن بكل وضوح أنه انتصر عليه، معطياً الفرصة والمثال لمن أراد أن يتبعه. فاليوم نسمع كثيرين يتحدّثون عن نصرة، هم أنفسهم لا يعرفون ما هي، فهم يعيشون تماماً كما يريد العالم، ويخافون على سمعتهم تماماً كما يفعل من يسمّونهم هم “أهل العالم”. النصرة الحقيقية هي الثورة واللامبالاة بكثير من مقاييس العالم تماماً كما فعل يِشوع الناصري، الذي علّم العالم حقاً ما معنى الثورة.
A WONDERFUL PIECE OF REVOLUTIONARY CHRISTIAN THOUGHT. I AM PROUD THAT YOU ARE MY NEPHEW. I FEEL THAT MY THOUGHT FINDS ITS CONTINUATION IN YOU. THE SEEDS BLOSSOM BEAUTIFULLY.
شكراً جزيلاً عمو
أنا فخور جداً بردك وتعليقك.
لا شك بأن الفكر الثوري الذي تحمله العائلة بشكل عام و يحمله كمال أبو ديب بشكل خاص، علّمني الكثير وشجّعني على السعي لتقبّل فكر وثورة يِشوع الناصري كما هو….وبدون ترويض.
وطبعاً كما يقول الناصري دوماً “بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئاً”.
اننا جميعا وبلا استثناء نفقد وفقدنا البشارة السامية التي ارادها لنا رئيس السلام يسوع المسيح وبالتالي لم نعد نحب بعضنا البعض كما احبنا المسيح
شكراً أخي أنطوان
المهم ان نستمر في المحاربة الصالحة
فالعار ليس فيما نفقده ولكن في ان نستسلم. والأتعس هو أن ندّعي أن كل شيء على ما يرام.
إنجيل الازدهار برأيي هو إحدى التوليفات التي أوجدها الإنسان ليبرر جشعه و ضعفه أمام ملذات العالم غير الهادفة، كما أعتقد أنه أحد الحلول التي اقترحتها النفس البشرية كمناقضة لمقولة السيد المسيح عن الله و المال في إنجيل متى 6: 24
مقالة رائعة