مزمورُ فارسٍ على صهوة جوادِه


مزمورُ فارسٍ على صهوة جوادِه

مزمورٌ ليوشيّا الرّائي

بقلم فادي أبو ديب

 

أين أنت يا رب؟ ألا ترى فرسانك يتساقطون واحداً تلو الآخر، ومن بقي منهم فهو يصارع بجسده المثخَن بالجراح جيشاً كاملاً؟ فُرادى وحيدون! نظرت إليهم وإذ بي أقف مذهولاً باكياً وأنا أرى  جلّ الجروح في ظهورهم. لماذا تتركهم يصارعون وحدهم؟ لماذا تترك كلّ منهم يحارب في معركته الخاصّة؟ أين آياتك يا أيها العليّ؟ أين تحتجب؟ هل تحتجب، أم نحن لا نراك؟ لماذا لم تعد تخرج مع فرسانك يا ربّ الجنود لتعرِّف العالم كلّه أنك المتعالي بين الأمم، يهوه اسمك؟ لماذا تسمح للزَّيف والخيانة أن يصبحا هما السائد والعادي حتى في أروقة هيكلك؟ لا تسمح يا رب بأن يكون هيكلك ساحةً للّاعبين الذين يستهينون باسمك القدّوس.

نريد أن نعيش معك يا ربّ. نريد أن نسلك حسب شريعتك ووصاياك. تاقت قلوبنا إلى السُّكنى في هيكلك. لماذا لا تأتي يا ربّ لتخطفنا إليك، وتترك هذا العالم يتخبّط حسب إرادته؟ لماذا تسمح يا ربّ بأن نرى أولادك يسقطون صرعى؟ أقف عاجزاً يا رب وأنا لا أعرف هل اصلّي من أجل خلاص الضالّين، أم من أجل عقاب الأشرار. لا أعرف هل أصلّي من أجل عالمٍ أفضل، أم من أجل القضاء على العالم وقدوم ملكوتك السعيد. أشتهي ذاك الدَّهر الآتي. سامحنا فأنت من علّمنا أن نسعى للقداسة والانفصال كما أنت قدّوسٌ ومتعالٍ عن خليقتك. أنت من وضع فينا أشواق القلب للكمال وحُلم الملكوت.. فلا تسمح بأن نيئس من الاستمرار في امتطاء صهوات جيادنا نحو نهاية الطريق! لا تسمح بأن تُعمى أبصارنا عن رؤية الضوء في نهاية نفق العالم المظلم! افتح عيوننا لنعيد اكتشاف عجائب شريعتك، لنعيد اكتشاف رغبتك المتّقدة في أن ترانا نعيش حسب نظامك. أبعد عنّا الأشرار والمتكبّرين والمتفلسفين، الذين يهينون كلمتك وشريعتك. أنر يا ربّ الجنود أذهان من داسوا نعمتك وأساؤوا فهمها فعاشوا في الإهمال والكسل وخمول الروح والقلب. علّمنا أن نعود فنحترم فرائضك، وأن نحترم أيّام راحتك التي أردتها لنا. كم أنت عظيم من أجل أنك رحمتَ حتى الأشجار والبهائم  فأرحتهم مع ابن آدم في سبوتك! من أجل أنك أردت أن يتعلّم شعبك معنى إمضاء الأوقات في التحاور حول فرائضك والتأمّل في عظمة شريعتك وخلاصك الذي أعددته بنفسك. كلّت عيناي  توقاً لرؤيا ملكوتك وتنسُّم عبير محضرك القدّوس.

“ليتك تشقّ السماوات وتنزل!” فترعى الأمم بقضيبٍ من حديد. “ليتك تشقّ السماوات وتنزل!” فتكتمل الصُّور، وتتَّضح الرؤى، ويزول التشتُّت.

أنا أعلم أنني عندما أرى وجهك سيكون كما لو أنني أعرفك منذ عشرة آلاف عام، كما لو أنني قضيت معك كل الأوقات منذ أيّام طفولتي. سأدرك عندما أرنو إلى عينيك أنّك كنتَ حاضراً في وجوه الآلاف، وأنّك كنت في أجواء كلّ حلمٍ صوفيّ مقدَّس. تشتاق نفسي إلى أن أشرب معك من نتاج الكرمة على مائدة أبيك القدّوس. أيقظ فيّ الرّوح أقوى وأقوى يا ربّ، واحصرني أكثر فأكثر في شخصك الطّاهر فقط.

الإعلان

2 comments

  1. عندما نكون نعمل بما يرضي الله ونحب بعضنا كما اوصانا السيد المسيح ونبتعد عن المراواغات…….. منذ متى وهم يدعون انهم بصدد اقامة الوحدة المسيحية والى متى سننتظر؟

  2. شكراً أخي أنطوان

    للأسف هذه الأيام اختلط الحابل بالنابل.
    أهم ما في الوحدة هي وحدة القلب. فإذا أحب المسيحيون بعضهم يكونون موحدين حتى لو تسموا بأسماء طوائف مختلفة.
    وإذا لم يحبوا بعضهم فلن يكونوا موحّدين حتى لو كانوا من نفس الطائفة.

    وحدة الطوائف المسيحية لن تحل المشكلة إذا لم يحب المسيحيون بعضهم.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.