مزمورُ أسيرٍ في العالم
بقلم فادي أبو ديب
كم أشتاق لتعزيتك أيها الشافي! تاقت نفسي إلى لمساتك الحنونة كما في غابر أيّامي. هل تذكر يا إلهي أيام شبابي وحماستي؟ لماذا تتركني وحيداً في العالم؟ جبال همٍّ تكدَّست فوق روحي. أختنق وكأنّ أضلاعي تكسَّرت داخل صدري. أنا أؤمن. أنا أؤمن، ولكن أعن ضعف إيماني. الكلّ منصرفٌ إلى أموره وليس من مهتمِّ. لا أحد يلقي بالاً إلى كلماتي. ليس من يريد أن يسمع أنيني وآهاتي. أحياناً أكره مناجاتي. أشعر وكأنني أتحدّث لوحدي. هل تسمعني وأنا أبكي؟ هل تراني ألتصق بالأرض وأصرخ من أعماقي؟ هل تركتني يا إلهي؟ هل لن تعود إليّ يا عزيز يعقوب، يا أبتي، يا إله آبائي؟
أغبط كل أعمى صرخ لك يا أيّها المسيّا؟ ما أكرم حظّه عندما نظرت فتحنَّنت عليه! يا ليتني كنت أعمى في طريق أريحا! يا ليتني كنتَ أبرصاً في كورة الجدريين! يا ليتني كنت قتيلاً في نائين! آهٍ لو أستطيع العودة لأكون كسيحاً أو مفلوجاً أو مجنوناً أو نازفاً للدم مرميّاً عند قدميك اللتين مسحتهما مريم بطيب النّاردين! ألم تكن نظرة منك ستعيد لي كل ما فقدته؟ ألم تكن كلمة واحدة من ينبوع مياه روحك الأقدس ستدمل كل الجراح، وتنسيني كلّ النقائص، وتغسلني من كلّ ما فعلتُه؟ كانت ستدفن كلّ آلامي إلى الأبد وكأنّها لم تكن يوماً شيئاً اختبرتُه؟ أدفع كل سنين حياتي لكي أشهد ولو لمرّة واحدة كيف كنتَ تجول بين المساكين والخطاة شافياً معزِّياً، وكيف كانت عيناك تشعّان رجاءً وهي ممتلئة بآثار ذلك النور المهيب الذي لا يُدنى منه.
ولكن ماذا نفعل يا معلِّم إن كانت نفوسنا رقيقةً كورق اللوز في بستانٍ في مهبّ الرياح؟
يا ربّ ارحمنا!