أردوغان الديكتاتور الديمقراطي وإمبراطورية ماشك وتوبال؟


بقلم فادي أبو ديب

للفترة الانتخابية الثالثة على التوالي (منذ عام 2002)، أحكم رجب طيب أردوغان، زعيم حزب العدالة والتنمية، الذراع السياسية لحركة الأخوان المسلمين في تركيا قبضته على البلاد. وفي تصريحٍ له بعد انتصاره الانتخابي قال أردوغان بأن نصره هذا هو نصرٌ لبيروت والشام والقدس وغزّة…!

 ولا يُخفى ان الزعيم التركي الذي حقق لتركيا ازدهاراً اقتصادياً جعلها في المركز 17 عالمياً (الجزيرة نت)، يتقدّم بخطى واثقة لتعديل الدستور وفرض نظامٍ رئاسي في تركيا يصبح فيه هو القوة المطلقة في البلاد. ومما يعزِّز هذا الشعور تصرّفاته خلال السنوات المنصرمة بطريقة “السلطان العثماني” مع دول الشرق الأوسط، فهو “يسدي النصح” للسوريين، ويقمع الأكراد في تركيا، ويهاجم أخوتهم في العراق، ويتجاهل تماماً قضية الأرمن (لا بل ويخاصم الدول التي تعترف بإبادتهم)، و”يبهدل” الإسرائيليين، ويستخدم الفلسطينيين لتحقيق شعبية له في المنطقة. وقد بدا هذا واضحاً في قضية “أسطول الحرية” التي  أراد فيها استعراض عضلاته الأخلاقية، التي يحاول اليوم أيضاً إبرازها على حساب السوريين، الذين، وبالمناسبة، أوصلوا عشرات آلاف الأطنان من المساعدات للشعب الفلسطيني، بدون عرض عضلات وسعي وراء المشاكل كما فعل أردوغان، الذي كان يعلم ماذا يفعل، وتاجر بدماء الأتراك وخبز الفلسطينيين!

هذا كلّه يترافق بسياسة واضحة لأسلمة تركيا العلمانية وتحجيم دور الأحزاب العلمانية والجيش والمحكمة العليا التركية، ونزعه عن طريق مجلس الأمن القومي التركي لللأصولية الإسلامية من قائمة الجهات التي تهدِّد الأمن القومي التركي (الإسلام اليوم 21-10-2010، موقع الدراسات الإسلامية)، بالإضافة إلى قوانين أخرى حول الحجاب وغيرها مما يزيد من سطوة التشدُّد، ويمهِّد الطريق لإجراءات إسلاموية أخرى قد تؤدّي في النهاية لوصول أطرافٍ أكثر تشدُّداً للسُّلطة في السنوات أو العقود المقبِلة.

أردوغان الذي يحاول المتاجرة بمشاعر العرب، وأمن السوريين، ولقمة الفلسطينيين، ليس من المستبعَد أن يساهم في حربٍ ما في المنطقة عندما يستقرّ وضعه في نظامٍ رئاسيّ يجعل الجيش التركي لعبةً في يده، بعد “تنظيفه” من كل القيادات العلمانية. ليس من المهم التفكير في ما قد تكون أسباب الحرب، فقد يكون من أجل المياه، أو من أجل “حماية السوريين” أو “تحرير الفلسطينيين” أو ربما من أجل الغاز المصري أو الإسرائيلي (المكتشَف حديثاً والذي يدّعي أن لقبرص التركية نصيباً فيه)!! ليس من المهم حقاً إلا أن نعلم أن صفة الغدر (والتي هي كانت صفة ملازمة للدولة التركية)، وأحلام الأمجاد الإمبراطورية العثمانية التي تراود أردوغان وأعوانه تسمح لنا بتوقُّع أي شيء، عندما يمتلكون مقوِّمات أكبر للقوة والسُّلطة المطلَقة.

السؤال هو: هل يكون هذا مقدِّمة لما تنبّأ عنه حزقيال منذ 2600 عام انقضت، عن أرض ماجوج، التي يرى البعض أنها هي آسيا الوسطى، وهي بالمناسبة أحد المواطن المبكرة للترك، وعن ماشك وتوبال وتوجرمة وجومر التي تشكِّل الموطن الحالي للأتراك؟ (وأنا هنا أطرح السؤال فقط!)

يقول حزقيال في الفصل 38 من نبوءته :

…هكذا قال السيد الرب هأنذا عليك يا جوج رئيس روش ماشك وتوبال [مناطق في تركيا الحالية]، وأرجِعك وأضع شكائم في فكّيك، وأخرجك أنت وكلّ جيشك خيلاً وفرساناً،  كلهم لابسين أفخر لباس، جماعة عظيمة مع أتراس ومجانّ، كلّهم ممسكين السيوف. فارس [إيران] وكوش [السودان] وفوط[ليبيا وتونس والجزائر] معهم كلهم بمجن وخوذة، وجومر[منطقة في تركيا الحالية] وكل جيوشه، وبيت توجرمة [منطقة في تركيا الحالية أيضاً] من أقاصي الشمال مع كل جيشه. شعوباً كثيرين معك. استعد وهيّئ لنفسك أنت وكل جماعاتك المجتمعة إليك فصرت لهم موقَّراً. بعد أيام كثيرة تُفتَقَد، في السنين الأخيرة تأتي إلى الأرض المسترَدّة من السيف، المجموعة من شعوب كثيرة على جبال إسرائيل، التي كانت دائمة خربة للذين أُخرِجوا من الشعوب وسكنوا آمنين كلّهم.”

للمزيد من المقالات والتعليقات حول الفصل 38 من سفر حزقيال، الرجاء الضغط هنا

تحديث للمقالة:

من أجل بعض الأصدقاء المعترضين على انعدام المرجع بشأن ماشك وتوبال، نورد هذا الجزء من تفسير القس أنطونيوس فكري من موقع الأنبا تكلا القبطي المصري:

جوج = هو إسم لملك بربرى متوحش ودموى في حروبه وقد يرمز لأنطيوخس إبيفانيوس، أو كل من يثير حرباً وحشية ضد شعب الله، كما سيحدث في أيام النهاية (أيام ظهور ضد المسيح). ويقول البعض أنه رئيس روسيا، حيث أنه مذكور هنا أنه رئيس روش ماشك وتوبال. فيفسرون روش على أنها روسيا وماشك على أنها موسكو وتوبال على أنها توبولسك وكل هذا في روسيا. ولكن الأقرب للصحة أن روش وماشك وتوبال هى قبائل كانت تقطن في مناطق البحر الأسود وبحر قزوين. جوج أرض ماجوج ماجوج هو إبن يافث، وغالباً فماجوج هي الأرض التي يسكنها جوج، كما نقول فرعون والمصريين أو فرعون وأرض مصر.

وهذا هو الرابط

http://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-01-Old-Testament/Father-Antonious-Fekry/31-Sefr-Hazkyal/Tafseer-Sefr-Hazkial__01-Chapter-38.html

الإعلان

11 comments

  1. مرحبا
    مع إحترامي الكامل للكاتب بس يلي باين من المقال أنك لا تفقه للسياسة بشيء أبدا
    وأكيد أنت بروتستانت لأنو من كلامك يدل على فكرك المحدود بالسياسة
    ومعلوماتي نحن دعاة سلام والقتل بديننا ممنوع بوصابا الرب
    بس مقالك ليس فيه أدلة على أي شيء من الصحة
    وكل من يقف بجانب السوريين فهو إنسان قبل أن يفكر بالدين
    وأسف لأني طولت الرد

  2. شكراً أيها الأخ القارئ
    نحترم رأيك بكل تأكيد
    ونتمنى أن تفيدنا أكثر بنقاطك حول تركيا وسياستها بنظرة موسعة

  3. إننا كمسيحيين نؤمن بأن مسير التاريخ لا يخرج عن العناية الإلهية
    فنحن هنا لا نعالج تفاصيل الارتباطات التركية بحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوربي
    ولكننا ببساطة نقول أن كل هذه التفاصيل والتعقيدات السياسية سوف تؤدي إلى شيء معين

    فإذا أخذنا دمار أورشليم الذي حصل عام 70 م فهو بالطبع كان حصيلةً سياسية عسكرية لكثير من التفاصيل ولكنه في ذات الوقت كان دينونة إلهية على أورشليم. لا نستطيع فصل مجريات الأمور اليومية عن فلسفة التاريخ ومسيره من وجهة كوزمولوجية كاملة.

  4. أشكرك على الرد
    وأتمنى أن تراجع أرائك لأنك تناقض نفسك فمرة تقول إنها دينونة ألهية ومرة تقول إرتباطات سياسية
    أنا هنا لأبدي رأي البسيط والمتواضع ولو فرضنا أنها دينونة إلهية من على وجه الأرض يستطيع تغيرها ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
    وإذا كانت تقاطعات سياسية تركية أكثر الدول معاناة من الذي حصل على أيام العثمانيين !!!!!
    وتخوف تركيا يا أخي هو من نزوح الأكراد والمطالبة بالأراضي الكردية
    هذا رأي وأشكر لك وسعة صدرك
    نعمة وسلام وبركة ربنا يسوع المسيح معك

    • أهلا صديقي
      ليس الموضوع تناقض. إنه ما يسمى بالبارادوكس أي التناقض الظاهري.
      لا ييمكن حتى لأعظم لاهوتي في العالم أن يحدد ما هي العلاقة بين السيادة الإلهية (بركة، دينونة…) وببين دور الإنسان
      ولكن يمكننا القول أن الإرادة الإلهية تتم ولكن عن طريق أمور منطقية بالنسبة لنا…
      وأعود أعطي دمار أورشليم…فنحن كمسيحيين كلنا نتفق أنها كانت دينونة إلهية، ولكن إذا عدنا للتاريخ نجد أن هناك أسباب سياسية وثقافية تتمثل في كراهية اليهود والرومان لبعضهم، ورغبة الرومان في إخضاع منطقة فلسطين لأهميتها الاستراتيجية.
      يعني الأمور متداخلة…

      الدينونة الإلهية لا يمكن لها أن تُلغى إلا بتغيير السلوك، وهذا ما نراه في الكتاب المقدس، ولكن من خلال التاريخ البشري فنادراً ما يغير فرد أو أمة سلوكهما!!

      تركيا ربما تعاني منذ الذي حصل في أيام العثمانيين من وجهة نظر العلمانيين والقوميين فيها، أما المتشددون الدينيون هناك فيحنون كثيراً لأيام السلطنة. حتى أنا أعرف بعض المتشددين من العرب ممن يحنون لأيام الخلافة العثمانية!!

      وكما أكرر فرأيك محترم تماماً وشكراً لك
      وسلام المسيح ونعمته معك

  5. مرحبا مرة أخرى يا أخي
    أولا أفتراضا نقول إنه تناقض ظاهري وسوف أسلم معك أن هناك بعض المتشددين دينيا يحنون لأيام الخلافة العثمانية
    لكن يا صديقي ألم تفكر كم هو عددهم كأنك تريد أن تقول لي أن الشعب التركي كله يريد ذلك
    أنا متفق أن هناك بالوطن العربي وبعض الدول الإسلامية بعض المتشددين دينيا لكنهم قلة قليلة جدا
    وحتى غالبية المسلمين لا يحبذون هؤلاء المتطرفين وهم منبوذين من المجتمع
    لكن وقوف تركيا بجانب السوريين النازحين إليها إنما هو يدل على الوضع الإنساني عند الأتراك
    كما حصل أيام العراق والنزوح وكذلك اللبنانين ونحن السوريون أستضفناهم إنه وضع إنساني وليس سياسي كما يقول تلفزيونك السوري مع إحترامي لشخصك وأنا سوري وهذا التلفزيون لا يمثلني أبدا لذلك أستخدمت هذه الجملة
    وأرجو منك مراعاة الوضع الإنساني للسوريين مهما كانو على جميع طوائفهم لأنهم سوريون وأخوة لنا بالدنيا
    ولا نستطيع أنا نتقبل العقوبة الجماعية بسبب بعض المتشددين أليس كذلك
    شكرا مرة أخرى لسعة صدرك
    سلام ونعمة وبركة ربنا يسوع المسيح معك

    • طبعاً من دون شك أنا أقدر الوضع الإنساني للنازحين لا بل أقول إن من واجب تركيا استقبالهم!
      ولكنني أتحدث عن العجرفة التركية في الكلام غير الدبلوماسي بغض النظر عن موقفي مما يجري في سوريا
      يعني أنا أتحدث عن الطريقة التركية بغض النظر عن النظام السوري بحد ذاته، لأن تركيا لو كانت أخلاقية لكانت اعترفت بإبادة الأرمن والسريان وثلث آشوريي العالم في القرن الماضي وما قبله.

      للأسف فإن التششدد في منطقتنا يزداد بحدة. قد لا يظهر هذا في كل المدن، ولكن أستطيع أن أقول أنه يزداد جداً وبشكل أصبح يشكل الأكثرية في مناطق أعرفها جيداً مثل حماة وحلب وإدلب وحمص ودير الزور.
      وعلى كل حال يا صديقي المتشدد لا يُعرف إلا في المواقف الحرجة. في الأيام العادية قد يبدو أن هناك الكثير من المتحررين، وأظن أننا جميعاً اختبرنا المفاجأة بكثير من الأشخاص.

      شكراً لك

  6. أخي العزيز
    لايضيع حق وراءه مطالب تأكد
    وسوف يعترفون بكل شيء عاجلا أم أجلا نحن صبرنا لمدة أربعين عاما على النظام السوري
    فإذا كنا نطالب بحقنا سوف نناله
    وتأكد يا أخي العزيز أن النظام هو الذي زرع الطائفية بنفوسنا
    وسوف يثبت الشعب السوري أكبر من الطائفية وهذا رأي
    لأني أعرف كثيرين ليسوا ولن يكونوا طائفيين مهما النظام حاول جرهم إليه
    وشكرا جزيلا لك

  7. دوافع تركيا وأردوغان … اقتسام الكعكة… الطمع في الأرض السورية… التودد لأوروبا وأميركا واسرائيل… الفوز بدخول السوق والشراكة الأوروبية…ضمان الفوز بالانتخابات للمرة الثالثة

    • صديق مراقب

      من دون شك فأنا أتفق معك في معظم ما قلته، إلا أنني لا أعتقد أنه يتودد لأمريكا وإسرائيل كثيراً، بل هو يمهِّد لإقامة شبه إمبراطورية شرق أوسطية بديلة عنهما في المنطقة.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.