بقلم فادي أبو ديب

أعرف أنني أتقدم روحيا عندما أستطيع أن أرى صورة الله في أخي الإنسان وفي أكثر النماذج بؤسا، وليس عندما تزداد صلواتي وتنقص سجائري.

أعرف أنني في الطريق الصحيح عندما يلاقي المنبوذون معي سلاما ويحبون رفقتي لأنني لا أهزأ بهم وبمشاكلهم الجسدية والنفسية والسلوكية، وليس عندما يكون كل معارفي من “المهذبين” و”الراقين”، فأنا لست من “الفئتين الأخيرتين”.

أعرف أني مؤمن عندما أؤمن بأن من يقف أمامي إنسان يستحق أفضل ما لدي من أخلاق ومعرفة، وعندما أحترمه وأحادثه بجدية محادثتي ل”مثقف” أو “عالم”، ولا أترك الأحاديث الجيدة للمتعلمين وأصحاب المراكز وربطات العنق.

أعرف أني إنسان عندما أعرف أن القواسم المشتركة بيني وبين الباحثين في القمامة وصاحب الفرن والمتسولة المراهقة اللعوب ذات الوجه الجميل التي تقف على ناصية شارعي، هي نفس القواسم المشتركة بيني وبين زميلي الطالب، وأستاذي الجامعي والواعظ الذي أسمع له.
أعرف أنني أؤمن بإله حقيقي عندما أؤمن بأن هذا الإله يرى أنني أنا المشوَّش بالمعرفة الباطلة والمعلومات والزَّيف مخطئ أكثر من المسكين المتشرد الذي كان يسرق البارحة كي يأكل “سندويشة” ثم يفترش الرصيف لينام.

أعرف أني إنسان حقيقي عندما أرى ببساطة الألم والعذاب خلف كلّ وجهٍ شقيّ ممن ينبذه المجتمع باعتباره زانياً أو كافراً أو لا يستحقّ الاهتمام والمعاشرة.
أعرف أنني “أعرف” حقا عندما أتخلص من الشكليات واحدة تلو الأخرى لأكون “أنا” وأراك “أنت”، ابن الله، وأخي في الإنسانية.
أعرف أنني “أعرف” عندما أكفر بالدين الممأسس وأؤمن باللوغوس، التاو، يسوع.

5-8-2011
الرابعة والنصف صباحا تقريبا