على قلبي أرخى الضَّياع سِتار الظَّلامِ
واشمئزَّتِ الرّوح وسط ضجيج الزِّحامِ
وسألتُ نفسي:
ما الذي أنا فاعلُه في دهرٍ…
فيه ألفُ ألفِ قاضٍ ومشرِّعٍ
وعن قضيّة الإنسان العظمى…لم أجد مَن يحامي
السُّخف ساد…
والزّيغ أضحى مارد العصرِ
وفارقت الحكمة العارفة عقول الأنامِ
فاليافع ينتصحٌ من فاجرٍ أو جاهلٍ
والكهلٌ يسوده مأجورٌ متعفِّنٌ…
أو بوق مزمِّرٌ من أبواقِ النظامِ
والعذراء خليلتها الرّاقصة الغانية
وأمُّها ترى الدُّنيا من كفّ العرّافة أو في المنامِ
أما الحريّة فباتت قتلاً وذبحاً
فيلسوفها أميرُ اللصوصِ
ونبيُّها المبشِّرُ أفّاقٌ “حرامي”
فما عاد بان بين القوم خيرٌ ولا شرٌّ
ولا فرّق شيخ الكهّان بين الحلال والحرامِ
ما فهموا الحرية عِتقاً لجسدٍ وروحٍ
بل رصاصااً ينسكبُ، وخنجراً مغروساً ملطَّخاً دامي
يقولون “سلامٌ سلامٌ”، وقد كذبوا
فها آلافٌ ترتحل خائفةً…
ترفعُ الصوت باكياً، باحثةً عن السّلامِ
كاذبون كلّهم أٌشهِد ربّ العُلى
لا تنكر يا هذا…
فكالكلاب المسعورة…ها هم قد فجروا أمام ناظريك وأمامي
ما أحلى الرّحيل من أرض النذالة
فالحبّ غائبٌ…
ولقلب كل حرٍّ قد وجَّهوا مئاتٍ من السِّهام