إمّا “الله أكبر” وإمّا الحريّة !


بقلم فادي أبو ديب

نشرتها على صفحتي على الفيسبوك بتاريخ 31-8-2011

سمعته يناديني

“الله أكبر، تعال نحقق الحرية!”

“فَرِحتُ وناديتُ “هلمّ يا أخي، فلنبدأ الرحلة سوية

فقال لي: إذاً أطلق اللِّحية…

واحمل في قلبك بعضاً من الحقد المقدِّس

لا تنس أن تتزوَّد ببعض الصراخ والشتائم

وفي طريقك ألقِ خماراً على وجه تلك الصبيّة

استغربتُ… فسألته: “عذراً، كأني سمعتك وقد نطقتَ حرية؟!”

رفع حاجبيه، لوى الشفتين وأجاب:

“أهناك أجمل من حرية تطبيق الشريعة الإلهية”

فقلتُ “لا بأس، لا بأس…”

“ولكنك يا فتى تشترط عليّ ان أداوم في المدرسة الشرعية!”

قال لي: “هذي هي الحرية!

فلا حرية فوق شرع الإله الأعلى

ولا تجاوز لسقف المقدَّسات الناموسية”

“الله أكبر تعال نحقق الحرية!”

توقفت…تراجعت…وسألته بارتعادِ محبَطٍ:

” وما الفرق إذاً بينك وبين الوالي الذي يسحق فينا الفِكر والشخصيّة”

“بماذا تختلف عن ذلك السفّاح الذي علَّمنا الشكّ في كلّ مفاهيمنا الأخلاقية؟”

أنتما متشابهان جداً

فأنت لديك القيد الخانق وذاك يدوسني بالجزمة العسكرية

هو يحدِّثني عن مزايا الوطن

وأنت تبشِّرني بمفرداتٍ عجائبية

هو يعاملني كحشرةٍ تعِسة

وأنت ترى الحياة وكل الخليقة من منظور الدوافع الجنسيّة

هو يقطع عني المعرفة…

 ويعظني صباح مساء عن أخطار الاستعمار والصهيونية

وأنت تصمِّم بيتك…

وتنظِّم شارعك وحيّك..وتسنّ مناهجك وقوانينك

خوفاً على حرائرك…وعلى نظريّاتك النَّسَويّة

آهٍ يا أخا العرب

حطَّمتَ آمالي بك

وجعلتني أمزِّق أوراق الهوية

فقال:

“ولكن الإله يأمر بالشرع…فلا تكفر بربّ البريّة!”

فالكافر يُقتل أو يُسجَن

أو يُنبذ كالناقة الجرباء خارج سجلّات الرعيّة

فمن ليس معنا هو ضدّنا

فخف وتبْ أيها الزنديق ولا تتفلسف على الفرائض النبويّة

فقلت له

مالك كفّرتني وزندقتني؟

أفلا تعترف بالضمير، بروح الرب، وبحُسن الطويّة؟!

كأني سمعتك تتحدّث عن الحريّة!

قاطعني صارخاً

“ويحك يا هذا، أو تظنّ التفلّت من شرع الإله حريّة”

فأجبته مستنكراً

“لماذا تتهمني؟! أوَ يحكم القاضي قبل أن يسمع دفاعات الضحية؟!”

ظننتك غيرهم…فرأيتك مثلهم

مثل أصحاب السيوف…وكأنك من أفراد تلك المنظّمة السرّية

تنبذني باسم إلهٍ ظالمٍ كما كانوا يحبسوني ويلاحقوني باسم تلك “القضيّة”

أفلا تبّ الطاغية وتبّ ماتنادي به من حريّة!

فصرخ الرجل وقد احمرّ وجهه غضباً

“ألا لعنة إلهي على عميل  الطاغوت، أتشتم الحريّة؟!”

أدرت ظهري وأنا أحدِّثه مبتعداً:

كافح وقاتل كما تشاء

فسأعود لأعيش نظرياتي “الفوضويّة”

فأنا لا أحمل انتماءاً ولا جنسيّة سوى انتسابي لهذه الإنسانية

فروح الرب الذي في داخلي لا يأتمر بأوامر جيوعسكرية

أنا حرٌّ…أنا حرٌّ…معك وبدونك

ولكن يا عزيزي فكّر ثم قرِّر…

فإما أن يكون “الله أكبر”

وإما أن تمتِّع النفس بالحرية.

الإعلان

3 comments

  1. الله أكبر لا تعني أبدا قتل الآخر أو ظلمه أو تكفيره أو غير ذلك. الله أكبر أقولها لأؤكد لنفسي أني أرتبط بإله هو أكبر من الظالم والحاقد والحاسد وغيرهم (من المسلمين أحيانا) فأقوى بذلك على مواجهتهم لارتباطي بمن هو أقوى منهم. الله أكبر لا تتناقض مع الحرية أبدا، فالله الذي هو أكبر أمرني أن أحسن لمن يخالفني في المعتقد فقال: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين أن تبروهم وتقسطوا إليهم). والله الذي أؤمن أنه أكبر أخبرني أيضا أنه (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي) والله أخبرني أيضا انه (من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا). والله أخبرني أنه (فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون). الله أخبرني في كتابه أن لا أبغي ولا اعتدي وأن أعفو واصفح وأجنح للسلم إن جنحوا له. هذا هو الله الذي أؤمن أنه أكبر وأؤمن أن إيماني هذا لا يتعارض مع حريتي وحرية الآخرين.
    أما بالنسبة للشخص الذي ذكرت في قصيدتك فهو موجود نعم، لكنه لا يمثل إلا نفسه. تماما كما يمثل عناصر جيش الرب نفسهم، والبوذيون الذين يقتلون في بورما نفسهم. والمجرمون الذين شنوا الحرب على العراق “وأعلنوها حرباً مقدسة” نفسهم. وغيرهم كثير.
    وجود هؤلاء الأشخاص يجب أن لا يدفعنا، نحن المتعلمين على الأقل، إلى إنكار كل ما يخرج منهم وأخذ الاتجاه المعاكس تماما. الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فعليه بها، أم تعتقد بغير ذلك؟

    • طبعاً أي شخص يؤمن بوجود الله يعتقد بان الله أكبر من كل شيء آخر. عموماً ليس هذا هو موضوع القصيدة. اضطررت لإعادة قراءتها لأعرف ماذا كتبت بعد كل هذا الوقت، فهي من عام 2011. هذه قصيدة سياسية-اجتماعية وليس قصيدة دينية. و”الله أكبر” هو شعار للدولة الدينية بطبيعة الحال، أي هي كناية عن الخطاب الديني السياسي الذي يقدم نفسه محمولاً على الدين.
      كما أن هذه قصيدة هجائية :)) لا يمكن تفسيرها بحرفية شديدة، فهي بالطبع لا تتطرق إلى من يقول “الله أكبر” وهو يشاهد منظراً جميلاً او يصلي في مخدعه أو…إلخ
      عندما هجا جرير الراعي النميري بقصيدته الشهيرة وقال: وإذا وزنت حلوم بني نمير على الميزان ما وزنت ذبابة- عندما هجاه هكذا لا يمكن أن نسأله وهل تعرف كل رجال بني نمير وهل من المعقول أنك لم تجد من بينهم عاقلاً؟ الشعر فيه تعميم وفيه مبالغة وفيه تصاوير غريبة عجيبة، تسخّر كلها لخدمة الغرض من القصيدة.
      ألم تقرئي نصي الآخر عن “الشرق اللعين” أو عن “هجاء عالم مسيحيّ” أو عن الحداثة الأوروبية وعن هجاء العلم؟ :))

      القصد، أنو ما تاخدي الموضوع بهالجدية :)) وخصوصاً أنه موضوع قديم جداً.

  2. تعليقي كان على عبارة أما أن يكون الله أكبر أو أن تمتع نفسك بالحرية، والعبارتان لا تتعارضان حتى لو كان مضمون القصيدة سياسي اجتماعي ديني أو غير ذلك.

    أتفهم طبعا أن القصيدة قديمة لكني لا أتفق معها :)

    أنا فقط أناقش ما قرأت. بالنهاية هي كلمات لها معنى (حتى لو كانت شعرا) يفهمها كل شخص على طريقته، وأنا وجدت فيها تعميما لفئة معينة (حتى لو كنت لم تُرد ذلك إلا أن هذا ما يُفهم منها) :)

    سأحاول قراءة المقالات التي ذكرتها قريبا.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.