هل أحببتَها يا سيّدي؟


بقلم فادي أبو ديب

يسوع، هل شعرتَ يوماً أنك جزءٌ من شيء ما على الأرض؟ هل أنّ قلبك كان دوماً وحيداً؟ أم أنّه كان ينبض بشكلٍ مختلف في حينٍ لم يُرغَب لنا أن نعرفه؟  رجالك الأقربون أنفسهم طمعوا في مناصب ملكوتك لمّا كنتَ ما تزال بينهم. لم يفهموا بضع شذراتٍ عنك إلا عندما غادرت.

هل أنّ “الحبيب” الذي سمع نبضات قلبكَ عن قرب، يوم اتّكأ على صدركَ في ليلة العشاء الأخير، كان أكثر من فهمكَ، فأوصل لنا الرسالة التي لم نرغب، أو لم يُرغَب لنا، أن نفهمها؟

ربّوني…يا معلِّم:

وحدها المجدليّة لم تهرب وداومت على البستان جيئةً وذهاباً. وحدها المجدلية نظرت إليك فقط. انتظرت ملكاً من دون مملكة. ومالَها والمملكة وبقربها الملك؟!
وحدها المجدلية عرفتكَ بمجرَّد أن سمعتكَ تلفظ اسمها.
لا ريب أنها قضت الليالي الطِّوال وهي تتأمّل في طريقة نطقكَ لاسمها! وتتخيّل أنّك تناديها آلافاً من المرّات.
لماذا آثرتَ أن تزورها أوّلاً، هي وحدها، دون الباقين؟
لماذا فضّلتَ أن تكون هي، قبل رجالك وتلاميذكَ وأمّك المتألِّمة، أوّل من يراكَ في جسدكَ الجديد؟
هل أردتَ أن تشعِرها بكم لها من المكانة في قلبك؟
ألعلّك لم ترِد أن تلمسك لأنك خفت يا سيدي أن تجد سبباً لتبقى هنا؟
اعذرني يا سيّدي، فكيف لي أن أصدِّق أنّ خالق العِشق لم يعشق؟! وأنّ هذا المحيط الهائل من الحبّ لم يسمح لعاشقةٍ أن تبحِر فيه بدون صدٍّ أو ألم؟!

حرمناكَ من هذه المَلَكة لأننا لم ندركها بأفكارنا المشوَّشة المشوَّهة؛ لأننا فقدنا المعرفة الحقيقية للحبّ؛ لهذه المملكة البعيدة التي أصبحنا نشكّ بوجودها، أو نؤمن بظلالها في أفضل الأحوال. ويحي من لحظات الإدراك التي تزورني ثم تذهب بعيداً،  بدون أن تمنحني المواعيد!

حرّمنا عليكَ العشق والمشاعر الإنساني لأننا مجموعة من الأنانيين المحدودين الضِّعاف. عفواً، أخطأتُ؛ أهل حقّاً الحبّ مشاعر البشر؟ أم أنّها أنفاس الآب؟ ألستَ مجبولاً بالمحبّة، بالمشاعر، بالعواطف…؟!

كم لم نفهم إنسانيّتك كما لم يفهمها من سبقونا !

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.