سوريا التي هزمت إرادة العالم


بقلم فادي أبو ديب

إنتهى-الإستحقاق-على-الجيش-السوري-تدمير-الإرهابيين1

ليس من قبيل التغنّي بمفاخر الماضي الغابر أن نتحدّث اليوم عن الجيش السوري، وليست هي معارك أكل عليها الدّهر وشرب تلك التي نذكرها، بل هي معارك الأمس واليوم والغد القريب.  على مرأى العالم أجمع تمكّن الجيش السوري من هزيمة حربٍ تقودها وتموّلها عشرات الدول علناً.  إنّه الجيش الوحيد في العالم الذي استطاع أن يواجه حرباً عسكرية وإعلامية واقتصادية واجتماعية لا مثيل لها في الشراسة.  هجمة شارك فيها الأعداء والأشقّاء والأنانيون ومحبّي إثبات الذات والرأي الشخصي من أبناء البلد- سوريا!

ليس من الغريب أن نمتدح الجيش السوري، فهو المنظومة التي ينخرط تحت لوائها شبّان ممن عرفناهم وتشاركنا معهم مقاعد الدراسة وشاركناهم اللعب أطفالاً وليالي السمر شباناً.  لا يحتاج المرء إلى وجهة نظر سياسية ليصطف إلى جانب الجيش السوري، بالرغم من كل شيء.

أشكّ في أنّ سوريّاً واحداً قبل الحرب (إلا ربما من ذوي الاختصاص) كان يتوقّع أنّ هذا الجيش كان قادراً على تقديم كلّ هذه البطولات التي رآها العالم كلّه بأمّ العين، وأن يقدّم شبّاناً سمعنا قصصهم فكانت سبباً لإعادة الأمل بوجود الخير والإرادة الحقيقية بالتضحية بكل شيء من أجل الآخرين.  سمعنا عن شبّانٍ قاتلوا قتال الأبطال وبالكاد لديهم كسرة خبز تسدّ رمقهم، وسمعنا عن رجالٍ تجاوزوا سنّ الكهولة وهم يخوضون أعتى المعارك.  رأينا جنوداً خائفين أيضاً ولكننا رأينا أيضاً جنوداً يذهبون إلى الموت مبتسمين. سمعنا عن شبّانٍ كانوا يصدّون جموع البرابرة في معارك خاسرة- وهم يعرفونها كذلك- فقط في سبيل فتح الطريق لانسحاب رفاقٍ لهم.  رأينا بأمّ العيون ضبّاطاً من ذوي الرُّتب العالية يرفعون على أكفّهم نعوش مجنّدين ما زالوا في ريعان شبابهم.

بصراحة، لم أكن يوماً من مؤيّدي النظام، ولكن مع هجوم البرابرة المدعومين بقوات البدو على بلادي لا يمكنني إلّا أن أقف مع فقراء بلدي ومع أحلامهم ومع آمالهم ومع آلامهم.  سأقف ولو بكلمة إلى جانب الجندي الذي لا يحارب في مقابل المال في وجه المرتزقة والمهووسين وأصحاب رؤوس الأموال.

لقد هزم هؤلاء الجنود إرادة العالم ومرّغها في التراب للدرجة التي دفعت دول العالم التي تملك أقذر تاريخ في انتهاك إرادات الشعوب إلى الإسراع في إرسال اعتى ما في ترسانتها من الأسلحة.

لقد هزم هؤلاء الجنود السوريّون إرادة الدول التي غزت سوريا لأول مرة في القرن السابع الميلادي فما استطاعت هزيمة الرّوح السورية التي دخلت إلى عقول الفاتحين عنوةً فنظّفتها قدر الإمكان من أدران البداوة.

لقد قبلت سوريا قديماً أن تضحّي بجزء من حضارتها في سبيل تطوير الغزاة، ولكنها لن ترضخ للبدو ومن خلفهم.  لقد ظن هؤلاء أن الدفعة المعنوية والمادية التي أمنها النفط للتراث البدوي كفيلة بأن تجعلهم ينهون ما بدؤوه في القرن السابع، ولكن سوريا لن تموت فحضارتها أقدم من وجود الغزاة، وعندما كان هؤلاء يكتشفون (أو يخترعون!) الله كان السوريون قد قطعوا أشواطاً في محيطات اللاهوت.

قد تُدمَّر دمشق وقد تدمَّر الكثير من معالم سوريا، ولكن البدو وتجار النفط ورعاة البقر لا يعلمون أن القيامة في دمنا!

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.