السعودية: الدّولة المارِقة الجديدة


بقلم فادي أبو ديب

السعودية1-610x257

تغيّرات جديدة يشهدها المناخ السياسيّ الدوليّ بوحيٍ من أزمة الحرب الأهلية-السعودية-التركية السورية التي بدأت هي الأخرى تتخذ منعطفاً جديداً؛ فالتقدّم العسكري الكبير للجيش السوري على الأرض ترافق مع ازدياد سطوة وسيطرة المجموعات الإسلامية الإرهابية التي تقودها مملكة آل سعود على الأرض السورية، لدرجة تحوّلت معها الحرب الحقيقية في سوريا إلى حرب بين الدولة السورية وجيوش غازية خارجية بقيادة السعودية وتركيا بشكل رئيسي.

إلّا أنّ ملامح التسوية السياسية بين سوريا والمجتمع الدولي جعلت السعودية تبدو كدولة مارقة في عيون الولايات المتحدة الأمريكية، فهذه الأخيرة دولة عظمى تحرّكها البراغماتية المطلَقة، وهي لا تعترف بصداقة أو عداوة بل بلعبة المصالح، على عكس مملكة مضارب آل سعود التي يحرّكها مزيج من المصالح السياسية والعدوانيّة البدويّة (التي يحكمها الثأر) والإرهاب الإسلامي الأشد فتكاً منذ أيام جنكيزخان وهولاكو وتيمورلنك.  ولأنّ المملكة الإرهابية لا تفهم بالسياسة كما يفهمها الغرب فهي ما زالت تموِّل وتدرِّب وتسلِّح المجموعات الإرهابية التي تتبع تنظيم القاعدة، مما أزعج الولايات المتحدة التي تحاول التوصّل مع الروس والإيرانيين إلى مكاسب سياسية على مستوى المنطقة وليس فقط في سوريا.

الإنزعاج الأمريكي لم يبقَ داخل الأروقة السياسية والدبلوماسية، بل بدا جليّاً في التصريح القاسي الذي وصف فيه جيفري فيلتمان السعودية بالوقاحة التي لم يُرَ مثلها أبداً، وفيلتمان هذا، رغم خروجه من الوظيفة الديبلوماسية الأمريكية، إلا أنّ له بحسب أمين حطيط ” موقع خاص في الدبلوماسية الاميركية و الدولية و الأممية” (انظر هذا الرابط).  وربّما يكون تصريح فيلتمان، انطلاقاً من موقعه الأممي حالياً، رسالة أمريكية لتحذير السعودية من مغبّة دورها التدميري في منطقة الشرق الأوسط، رسالة يُراد منها أن تفهم السعودية أن عليها تغيير سياستها وأنّ الزمن القديم قد شارف على الأفول، قبل أن تدفع امريكا بأحد مسؤوليها الرسميين للتصريح بما يهزّ عرش مملكة مضارب آل سعود المهتزّ أصلاً.

إلّا أنّ عائلة آل سعود، وإثباتاً منها على أنّها لا تفقه في السياسة أكثر مما يفقه البعير في علوم الفضاء، أبَت إلّا أن تستعير لغة “المقاومة والممانعة” ممن تحاربهم الآن في سوريا والعراق ولبنان وإيران، فقد صرّح كبير مشايخ مضارب آل سعود عبد الله بن عبد العزيز آل سعود على لسان أخيه وليّ العهد بما يلي:

“من أرض الرسالة ومهبط الوحي، نقول للعالم أجمع، إننا أمة لا تقبل المساومة على دينها، أو أخلاقها، أو قيمها، ولا تسمح لكائن من كان أن يمسَّ سيادة أوطانها، أو التدخل في شؤونها الداخلية، أو الخارجية…وليعي العالم أجمع أننا نحترمه، ونقدر مساهمته الإنسانية عبر التاريخ، ولكن لا خيار أمام من يحاول أن يستبد، وفق نظرته الضيقة، أو مصالحه، فنحن أمة سلامتها من سلامة دينها وأوطانها، وتعاملها مع الآخر الند للند…ولذلك نأمل أن يكون الاحترام فيما بين الأمم والدول مدخلاً واسعاً للصداقة بينها وفق المصالح والمنافع المشتركة، إدراكاً منا بأن هذا العالم وحدة متجانسة في عصر تُنبذ فيه الكراهية، وتُرفض سطوة التسلط والغرور، فمن أدرك ذلك فقلوبنا تتسع لكل مفاهيم ومعايير الصداقة، ومن رأى غير ذلك فهذا شأنه، ولنا شأن آخر نحفظ فيه عزتنا وكرامة شعوبنا الأبية”. (انظر الرابط)

وهكذا فبدل أن يفهم ابن سعود الرسالة الأمريكية المصرَّح عنها علناً على لسان فيلتمان، وضمناً عن طريق الاتفاق مع الروس والتقارب مع الإيرانيين، يبدأ بالحديث الغوغائيّ عن الأخلاق والدين والتسامح والاحترام والندّيّة، مع أنّ الكلّ يعلم أنّه فاقدٌ للكل، ربّما ما عدا شيئاً من الدّين الإرهابيّ الذي ما فتئ يعيث بواسطته فساداً في كل أمم المعمورة منذ عقود على أقلّ تقدير.

ابن آل سعود وأتباعه من الصبيان رتّبوا إذن بياناً يتحدّث عن نبذ الكراهية وهم سادة الكراهية.  وتحدّثوا عن “الوحدة المتجانسة” وهم من يعلّم الناس التفريق بين الناس بحسب الدين واللون والعرق في مملكتهم الكريهة وفي كلّ الأمم التي استطاعوا أن يجدوا لهم فيها موطئ قدمٍ أو حفنة تمر.  لقد تحدّثوا عن الصداقة وهم لا يعرفون سوى التسلّط والبطش وممارسة المشيخة على الناس.  حذّروا من الاستبداد وهم سادة الاستبداد وحكّام أعتى مملكة عرفها التاريخ منذ قرونٍ خلت.

مملكة مضارب آل سعود الإرهابية تبدأ اليوم بحصاد ما كانت تزرعه طوال سنين، وخصوصاً في  الفترة الأخيرة جرّاء ذبحها الممنهَج للسوريين والعراقيين وغيرهم من شعوب الأرض الدانية والقاصية.  مملكة مضارب آل سعود تتقدذم بخطىً ثابتة نحو الدينونة؛ فليس أمامها إلّا أن تُقسَّم أو تُحجَّم أو تتحوّل إلى دول مارقة جديدة في هذا العالم.  مملكة بدو آل سعود تجاوزت القانون الإلهي المكتوب في طيّات الكون حول الزرع والحصاد، وما زرعته سوف تحصده قريباً، وسينقضّ عليها الأمريكان والإسلاميّون وكلّ مَن له عندها مطلبٌ، وما أكثر المطالب!

موضوع مرتبط:

السعودية وقطر وتركيا والغفران الذي لن يُمنَح

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.