“ماذا تظنّون؟ كان لإنسان ابنان فجاء إلى الأوّل وقال: يا ابني اذهب اليوم اعمل في كرمي. فأجاب وقال: ما أريد. ولكنه ندم أخيراً ومضى. وجاء إلى الثاني وقال كذلك. فاجاب وقال: ها أنا يا سيد. ولم يمضِ. فأيّ الاثنين عمل إرادة الأب. قالوا له: الأوّل. قال لهم يسوع: الحق أقول لكم إنّ العشارين والزواني يسبقونكم إلى ملكوت الله.” يسوع المسيح
من أكثر الأمور التي تثبت وجوب إعادة التفكير في جوهر الدين هم أولئك المفكّرين الإنسانيّين من مختلف المذاهب، والذين يتكلّمون بنبويّة مسياويّة أوضح من الكثير من رموز العالم الدينيّ الذين يعظون بقدريّة استسلاميّة تدفع الفقراء والمهمّشين والإنسانيّة كلّها للاستسلام لمن يسرق إنسانيّتهم- وبالتالي صورة الله فيهم. فمع هؤلاء الدينيّين المفتَرَضين تختفي الكينونية الجمالية في الإنسان لمصلحة سلطة عمياء عظيمة يسمّونها هم “الله”، بينما مع بعض أولئك الإنسانيين تشعّ الكينونة الإنسانيّة المُحبّة والجميلة كما هي في الحقيقة على صورة الله وشبهه. عندما يدعم بعض الدينيّين السُّلطة والقوّة والمجرى السائد للأمور، بينما يواجهها الآخرون بشجاعة فمن يمثِّل الله أكثر؟ الأمر إذاً لا يتعلّق دائماً- في الحقيقةً- بما يُنطَق من كلام، سواء كان دينياً أم إنسانياً، فهذه كلّها مصطلحات. مَن يتحدّث باسم “الله” علناً ويرفض جوهره حقّاً لا يمكن أن يعرف جوهر الله، أمّا مَن يرفض صورة هذا “الله” السائدة مجتمعياً ويعظ برسالته ضمناً حتى بشكلٍ غير متعمَّد فهو ينتسب لهذا الله حقّاً. مَن يعمل حقّاً على إعادة الصورة الجمالية المُحبّة والخيّرة في الإنسان؟ هذا هو السؤال. مَن هو الأكثر مسيحانيّةً؟
ليست المسألة مسالة إعطاء أجوبة ووضع مناهج يتمّ من خلالها الجزم حول معرفة الله، ولكن الموضوع هو مدعاة للتفكّر في وجود إنسانيّ يسهل فيه إطلاق الأسماء والصفات ونظم البيانات العقائدية التي لا تعني شيئاً في معظم الأحيان.
ما الذي يعنيه أن يطلق إمرئٌ على نفسه صفةً دينيةً ما؟
ما الذي يعنيه أن يطلق آخر على نفسه صفة الإلحاد أو الإنسانويّة أو ما شابه؟
ربما يعني شيئاً وقد لا يعني أيّ شيء، فالعبرة في النهاية في التوجّهات القلبيّة الخفيّة لهذا الإنسان أو ذاك.
ما الصورة التي يسعى إليها؟ ما الكينونة التي يدافع عنها؟
هذه أمور في غاية العمق ومن الصعب الحكم عليها بشكل واضح، فرُبّ مؤمنٍ يحمل في باطنه وعياً لا يؤمن إلّا بالسلطة وتمجيد الامتلاك! ورُبّ كارهٍ لمصطلحات الدّين وأسمائه، يُقاد بحلمٍ للكينونة الإنسانيّة الحرّة من الكراهية والتباغض وتفوّق الأنا، أي أنّه يسعى حقّاً خلف الصورة الإلهيّة!
مَن الذي يعرف الله أكثر؟ الدينيّ أم غير الدينيّ؟
الأسماء لا تعني شيئاً: لا الدينيّ يعرف الله أكثر ولا غير الدينيّ يفعل. الأمر يتعلّق بما يعيشه كلّ منهما في صلب كينونتهما.
اتجاه القلب…الصورة الحلم..هي ما يهمّ.
السُّلطة والانغماس في الأنا تجد نفسها في شتّى الأشكال الدينية واللادينية.
صورة الله العاقلة المحبّة الخيّرة الساعية لجوهر الجمال الوجوديّ تجد نفسها في أيّ مكان أيضاً.
ما فهمت الآية الموجودة بالبداية. برأيي أن الذي فعل ما يريده الأب هو الذي رفض ثم ندم وقام بالعمل، فلماذا أخبر المسيح عليه السلام الذين أجابوا هذه الإجابة بأن العشارين يسبقونهم إلى ملكوت السماوات؟
لأن الفريسيين، رجال الدين، يمثلون الذين قالوا سنفعل ولم يفعلوا، بينما يمثل العشارون الطبقة الدنيا في السلم الديني بالنسبة للفريسيين المتدينين، وهم كانوا يعتبرون بلا أخلاق لأنهم يعملون مع الرومان في جباية العشر وكثير منهم كان يظلم ويأخذ أكثر مما يجب عليه أن يأخذ.
فالعشار هنا هو الذي ندم ثم قام بالعمل.
هذا المثل الذي ضربه يسوع كان كفيلاً بهز الفريسيين والناموسيين في ذلك الوقت، لأن العشارين كانوا كالبغايا والجنود الرومان في نظر الفريسيين. وكلامه كان يشبه أن تقولي اليوم لإمام شهير مثلا إن جاسوساً يعمل مع جيش الاحتلال سيسبقه إلى ملكوت السماوات. هذه جملة تهز الشخص وخاصة إذا كان فخوراً بتدينه وغالباً لن يقبلها. ولكن في مثل “الفريسي والعشار” يتضح معنى هذا القول بشكل أكبر.
والنص له تكملة أيضاً حيث يقول للكهنة إن العشارين والزواني آمنوا بيوحنا المعمدان أما هم فلم يؤمنوا به. فرسالة المعمدان في ذلك الوقت كانت عن التوبة القلبية. الكهنة رفضوا المعمدان.
يفترض توقفوا. المعمدان ما كان صاحب ديانة حسب معلوماتنا. هو كان يدعو للتوبة الشخصية. فما كان هناك إيمان بيوحنا نفسه، ولكن الإيمان بدعوته للتوبة في فترة ما قبل دعوة المسيح.
بس بالعموم، هالنص فكرته محدودة وما عم يتعرض لسيرة العشارين ولكن لزيف الكهنة.
أعتقد أن الموضوعين متصلين لا يمكن فصلهما؛ لا يمكن الحديث عن زيف الكهنة ثم جعل من آمنوا ولم يتوقفوا عن ذنوبهم سباقين إلى ملكوت السماوات لأن كلا الحالتين أسوأ من الأخرى( ألإيمان بلا عمل، والرياء).
فإذا كانوا توقفوا عن ذنوبهم فهما تصبح الآية مفهومة ومنطقية وتتوافق مع روح الأديان بشكل عام (طبعا هذه وجهة نظري أنا )
بالانتقال للمنشور، هل تعتقد أن من يعمل إرادة الله هم محبو الخير بغض النظر عن معتقدهم وديانتهم؟ يعني هل تعتقد أن البهودي أو المسلم الساعي إلى الخير والممتنع عن أذية الآخرين أقرب إلى الله من المسيحي الذي يفسد ويؤذي وأنه أحق بدخول الملكوت؟
بالنسبة لسؤالك. أنا أميل إلى هذا الرأي. الله محبة ومن ينوي الخير ويعمله هو الأقرب لله. الملكوت في جزء لا بأس به من النصوص له دلالة روحية آنية وليس ذا دلالة مستقبلية.
مافي مشكلة، يمكنك كتابة الإجابة على شكل قصيدة :))
البرزخ في الإسلام هو الفترة الفاصلة بين الموت والقيامة، ليس فيه أي تطهير فعمل الإنسان ينقطع بعد موته إلا من ثلاث: صدقة جارية، ودعاء ولد صالح، او علم يُنتفع به.
أنت كاثوليكي؟
طبعا أنا أتفق مع أن الله أعلم بعباده وأنه ليس من عمل الإنسان توزيع المقاعد في الجنة والنار. هذا لا خلاف عليه.
أما عن معاملة الإنسان بعمله فقط فهو أيضا شأن الله. بعض البشر لم تصلهم الرسل السماوية. ربهم أعلم بهم وأرحم وأحكم. أما من وصلتهم فهم مطالبون بالتأكيد بالإيمان بهذه الرسائل وتنفيذ وصاياها لإعمار الأرض.
في الحقيقة أنا لا أنتمي فكرياً إلى طائفة محددة وإنما أجد نفسي في مزاوجة بين عدة أفكار وطرق. الطوائف تاريخياً هي ابنة وقتها ووريثة لكثير من شروط الزمان والمكان، ويتداخل فيها الديني الروحي بالسياسي بالثقافي المحلي.
اليوم انفتح العالم على بعضه وتلاقحت الأفكار والمذاهب بشكل غير مسبوق.
جميل، طيب ماذا ينتج عن هذا الملكوت الدنيوي أو الآني؟ هل يؤدي بالضرورة إلى ملكوت السماوات؟ أم أنه حالة روحية ستزول بموت الإنسان وتتوقف ثمارها؟ و هل من لا يستطيع الوصول له في الدنيا سيكون عاجزا عن بلوغه في الآخرة؟
يفترض أن هذا الملكوت الروحي يفضي إلى ملكوت أبدي، فالأبد أبد لا مراحل فيه. أي ما قبل الموت من جنس ما بعده.
أما من لم يصله هنا فتتعدد الإجابات والتفاسير، إلى درجة أن البعض ذهب إلى افتراض وجود مطهر كما في الكاثوليكية، أو برزخ كما في الإسلام.
المشكلة هنا أن لا قياس رياضي لهذه الأمور، فكيف نقول إن فلاناً وصل أم لم يصل أو فلاناً صادق الإيمان أم غير صادق؟ هناك دلائل خارجية، ولكن الله أعلم ما في القلوب.
لذلك نتمسك بالثقة بمحبة الله وعدالته ونعمل الأفضل حباً فيما هو صالح وجميل.
ألم تدخل امرأة النار في قطة حبستها وأخرى لأنها سليطة اللسان ونمامة، وثالثة دخلت النار في حيوان سقته و…إلخ.
هذه قصص ذات دلالة وموجود مثلها في كثير من التراثات.
وهي موجودة لسبب، كقوة توازن قوى تراثية أخرى لن أتعرض لها هنا.
طيب، ألخص ما سبق بالآتي: أنت ترى أن الإنسان الخير مؤهل لدخول ملكوت آني سيقوده بالضرورة إلى ملكوت سماوي. أما الأشرار فسيمرون بمرحلة تطهير أو ما شابه وسيدخلون أيضا ملكوت السماوات.
خلينا نقول إنني آمل وأرجو أن هذا ما سيمر فيه “الأشرار”. أنا لست كاثوليكياً إذا كان سؤالك مختص بهذه الفكرة.
الجواب المسيحي الأكثر شيوعاً أن هؤلاء مصيرهم النار. أما ماهية هذه النار فلا أحد يعلم. ليست ناراً مادية بالتأكيد، بل هي رمز على شيء آخر. في التراث الديني اطالما رمزت النار للتطهير ولتنقية المعادن الثمينة.
ولكن هناك ما يدفعنا بحكم محبة الله أن نترجى مصالحتهم معه، لكي لا يبقى الوجود منقسماً إلى أبد الآبدين بين معاينين لله ومتغربين عنه، بل لتكون هذه “النار” تطهيراً لهم وإنهاء لغربتهم.
أي إنسان مهماً كان شريراً يمكننا أن نكتشف فيه شيئاً منا ومن الخير إذا جالسناه وعاملناه بالحسنى. ولكن الأمراض النفسية والضعفات والإرادة المعوجة تشوه الإنسان.
واعتقادي أن الله قادر على العمل على هذه الصورة الداخلية.
هذا رجاؤنا، وهو أعلم.
يعني بالنسبة للأخيار ليس هناك أهمية للعقيدة؟ المهم هو عمل الإنسان؟
أحب أن أعرف ما تؤمن أنت به، وليس ما ترجوه.
شخصياً، بالنسبة للأشرار، إيماني بالنار لا يقل ولا ينفصل عن إيماني بالجنة، بل أكثر من ذلك؛ لا يمكن تخيل هذا العالم دون الإيمان بوجود النار. لا أتخيل أن من ذبحوا الأطفال في سوريا أمام بعضهم وأهلهم سيمرون بفعلتهم. ما يعزينا أن القتلة سيُعذَبون. نعم أريد جهنم يُخلد فيها بشار وأعوانه ومن هم على شاكلتهم. أريد جهنم يُعذب فيها سارقو قوت البشر في الدول الفقيرة التي يموت الأطفال فيها من الجوع والعطش أمام أهلهم دون أن يستطيعوا فعل شيء.
نعم كل إنسان مخير بالضرورة، وكل مخير يجب أن يتحمل عاقبة أفعاله بطريقة ما.
أنا لا أتطرق الآن إلى العقيدة. العقائد، او بعضها على الأقل، نتاج جهد عقلي وروحي معاً. العقيدة مهمة في دلالتها، فمثلاً الإيمان بالبعث مهم جدا للمسيرة الروحية للإنسان لأنها تعلمه أن هناك خلود وأن الحياة لن تذهب هباء.
هل هذا يعني أن من لم يؤمن بالبعث سيدخل النار؟ هذا سؤال يجيب عنه الناس بطرق مختلفة.
العقيدة كما أفهمها وإذا كانت جيدة هي مشعل ينير طريق الإنسان، وبدونها قد يصبح الطريق أصعب. ولكنها ليست غاية في ذاتها.
الرجاء يحاول أن يصل باليقين إلى بعد آخر. أنا أعتقد بوجود عقوبة للشرير، ولكني أرجو أن تكون عقوبة إصلاحية، لأن أفكار الله أعلى من أفكارنا.
يعني أنا ما رح صيغ إيماني على حسب غضبي من بشار الأسد أو أبي بكر البغدادي أو جورج بوش. ولكنني أتفهم جيدا من ناله الأذى مباشرة من أحد هؤلاء. لن أشعر بشعوره بالطبع.
العقوبة موجودة، ولكن أرجو أنها ليست نهاية الطريق.
في قانون الإيمان المسيحي يقولون “ونترجى قيامة ااموتى والحياة في الدهر الآتي”. هذا لا ينفي الإيمان بهما، ولكن الرجاء يتوازى مع الإيمان، لكي لا يصبح الإيمان نوعاً من الثقة المتغطرسة، بل يبقى ثقة راجية.
مفهوم الرجاء يجتذب أفكاري، في كيفية تزاوجه مع الإيمان، بحيث يبقى الإيمان إيماناً من دون أن يتحول إلى غطرسة قطيعة مع المحدودية البشرية.
الله أكبر من الظالمين، ولكنه أكبر من أفكارنا ورغباتنا أيضاً.
أنا لا أصيغ إيماني على حسب غضبي من فلان من الناس، أنا أؤمن أن للطغاة والقتلة والمفسدين عقوبة لأن هذا ما تخبرنا به الأديان.
سبق وقلت أني أؤمن أن الله أوجدنا على هذه الأرض وأرسل إلينا الرسل والشرائع لتدلنا على الطريق وتعيننا على مواصلة المسير. كيف برأيك تستطيع الأم التي ذُبح طفلها أمامها أن تتابع حياتها دون وعد رباني يشفي صدرها من قاتل ولدها؟
ولماذا على الفقير أن يتركه الله دون أن يفرض على الغني أن يقدم له جزءا من ماله؟ الخ الخ.
مرة تانية، ما عندي مشكلة يكون الجواب قصيدة 😏
أتفهم ذلك. ولا يمكن أن نبالغ في التنظير على من نالتهم المصائب
في العموم ربما يكون من الأنجح الاستثمار في فكرة اللقاء مع الفقيد أكثر من فكرة تعذيب الجاني.
عموما نحن لا نختلف في مبدأ وجود العقاب. أبدية العقاب أو عدمها جدلية كبرى عمرها قرون. ولن نحلها هنا.
من يصل إلى الفردوس لن يهمه على ما أظن مصير الأشرار. النعيم يقضي على مشاعر الشماتة. النعيم يشفي الصدور لوحده.
والله أعلم
ما فهمت الآية الموجودة بالبداية. برأيي أن الذي فعل ما يريده الأب هو الذي رفض ثم ندم وقام بالعمل، فلماذا أخبر المسيح عليه السلام الذين أجابوا هذه الإجابة بأن العشارين يسبقونهم إلى ملكوت السماوات؟
لأن الفريسيين، رجال الدين، يمثلون الذين قالوا سنفعل ولم يفعلوا، بينما يمثل العشارون الطبقة الدنيا في السلم الديني بالنسبة للفريسيين المتدينين، وهم كانوا يعتبرون بلا أخلاق لأنهم يعملون مع الرومان في جباية العشر وكثير منهم كان يظلم ويأخذ أكثر مما يجب عليه أن يأخذ.
فالعشار هنا هو الذي ندم ثم قام بالعمل.
هذا المثل الذي ضربه يسوع كان كفيلاً بهز الفريسيين والناموسيين في ذلك الوقت، لأن العشارين كانوا كالبغايا والجنود الرومان في نظر الفريسيين. وكلامه كان يشبه أن تقولي اليوم لإمام شهير مثلا إن جاسوساً يعمل مع جيش الاحتلال سيسبقه إلى ملكوت السماوات. هذه جملة تهز الشخص وخاصة إذا كان فخوراً بتدينه وغالباً لن يقبلها. ولكن في مثل “الفريسي والعشار” يتضح معنى هذا القول بشكل أكبر.
والنص له تكملة أيضاً حيث يقول للكهنة إن العشارين والزواني آمنوا بيوحنا المعمدان أما هم فلم يؤمنوا به. فرسالة المعمدان في ذلك الوقت كانت عن التوبة القلبية. الكهنة رفضوا المعمدان.
يعني هم بعد أيمانهم (وأقصد الزواني والعشارين) توقفوا عن هذه الأعمال؟ أم كفاهم إيمانهم بيوحنا المعمدان؟ لسا المعنى غامض شوي.
يفترض توقفوا. المعمدان ما كان صاحب ديانة حسب معلوماتنا. هو كان يدعو للتوبة الشخصية. فما كان هناك إيمان بيوحنا نفسه، ولكن الإيمان بدعوته للتوبة في فترة ما قبل دعوة المسيح.
بس بالعموم، هالنص فكرته محدودة وما عم يتعرض لسيرة العشارين ولكن لزيف الكهنة.
أعتقد أن الموضوعين متصلين لا يمكن فصلهما؛ لا يمكن الحديث عن زيف الكهنة ثم جعل من آمنوا ولم يتوقفوا عن ذنوبهم سباقين إلى ملكوت السماوات لأن كلا الحالتين أسوأ من الأخرى( ألإيمان بلا عمل، والرياء).
فإذا كانوا توقفوا عن ذنوبهم فهما تصبح الآية مفهومة ومنطقية وتتوافق مع روح الأديان بشكل عام (طبعا هذه وجهة نظري أنا )
بالانتقال للمنشور، هل تعتقد أن من يعمل إرادة الله هم محبو الخير بغض النظر عن معتقدهم وديانتهم؟ يعني هل تعتقد أن البهودي أو المسلم الساعي إلى الخير والممتنع عن أذية الآخرين أقرب إلى الله من المسيحي الذي يفسد ويؤذي وأنه أحق بدخول الملكوت؟
لا أفصل، ولكن النص لا يصرح، فأفترض افتراضاً.
بالنسبة لسؤالك. أنا أميل إلى هذا الرأي. الله محبة ومن ينوي الخير ويعمله هو الأقرب لله. الملكوت في جزء لا بأس به من النصوص له دلالة روحية آنية وليس ذا دلالة مستقبلية.
مافي مشكلة، يمكنك كتابة الإجابة على شكل قصيدة :))
البرزخ في الإسلام هو الفترة الفاصلة بين الموت والقيامة، ليس فيه أي تطهير فعمل الإنسان ينقطع بعد موته إلا من ثلاث: صدقة جارية، ودعاء ولد صالح، او علم يُنتفع به.
أنت كاثوليكي؟
طبعا أنا أتفق مع أن الله أعلم بعباده وأنه ليس من عمل الإنسان توزيع المقاعد في الجنة والنار. هذا لا خلاف عليه.
أما عن معاملة الإنسان بعمله فقط فهو أيضا شأن الله. بعض البشر لم تصلهم الرسل السماوية. ربهم أعلم بهم وأرحم وأحكم. أما من وصلتهم فهم مطالبون بالتأكيد بالإيمان بهذه الرسائل وتنفيذ وصاياها لإعمار الأرض.
😊😊 جاي وقت الشعر!
في الحقيقة أنا لا أنتمي فكرياً إلى طائفة محددة وإنما أجد نفسي في مزاوجة بين عدة أفكار وطرق. الطوائف تاريخياً هي ابنة وقتها ووريثة لكثير من شروط الزمان والمكان، ويتداخل فيها الديني الروحي بالسياسي بالثقافي المحلي.
اليوم انفتح العالم على بعضه وتلاقحت الأفكار والمذاهب بشكل غير مسبوق.
جميل، طيب ماذا ينتج عن هذا الملكوت الدنيوي أو الآني؟ هل يؤدي بالضرورة إلى ملكوت السماوات؟ أم أنه حالة روحية ستزول بموت الإنسان وتتوقف ثمارها؟ و هل من لا يستطيع الوصول له في الدنيا سيكون عاجزا عن بلوغه في الآخرة؟
مع أني غارق في بعض التأمل الشعري، بس ماشي الحال😊
يفترض أن هذا الملكوت الروحي يفضي إلى ملكوت أبدي، فالأبد أبد لا مراحل فيه. أي ما قبل الموت من جنس ما بعده.
أما من لم يصله هنا فتتعدد الإجابات والتفاسير، إلى درجة أن البعض ذهب إلى افتراض وجود مطهر كما في الكاثوليكية، أو برزخ كما في الإسلام.
المشكلة هنا أن لا قياس رياضي لهذه الأمور، فكيف نقول إن فلاناً وصل أم لم يصل أو فلاناً صادق الإيمان أم غير صادق؟ هناك دلائل خارجية، ولكن الله أعلم ما في القلوب.
لذلك نتمسك بالثقة بمحبة الله وعدالته ونعمل الأفضل حباً فيما هو صالح وجميل.
ألم تدخل امرأة النار في قطة حبستها وأخرى لأنها سليطة اللسان ونمامة، وثالثة دخلت النار في حيوان سقته و…إلخ.
هذه قصص ذات دلالة وموجود مثلها في كثير من التراثات.
وهي موجودة لسبب، كقوة توازن قوى تراثية أخرى لن أتعرض لها هنا.
طيب، ألخص ما سبق بالآتي: أنت ترى أن الإنسان الخير مؤهل لدخول ملكوت آني سيقوده بالضرورة إلى ملكوت سماوي. أما الأشرار فسيمرون بمرحلة تطهير أو ما شابه وسيدخلون أيضا ملكوت السماوات.
صحيح فهمي هيك؟
خلينا نقول إنني آمل وأرجو أن هذا ما سيمر فيه “الأشرار”. أنا لست كاثوليكياً إذا كان سؤالك مختص بهذه الفكرة.
الجواب المسيحي الأكثر شيوعاً أن هؤلاء مصيرهم النار. أما ماهية هذه النار فلا أحد يعلم. ليست ناراً مادية بالتأكيد، بل هي رمز على شيء آخر. في التراث الديني اطالما رمزت النار للتطهير ولتنقية المعادن الثمينة.
ولكن هناك ما يدفعنا بحكم محبة الله أن نترجى مصالحتهم معه، لكي لا يبقى الوجود منقسماً إلى أبد الآبدين بين معاينين لله ومتغربين عنه، بل لتكون هذه “النار” تطهيراً لهم وإنهاء لغربتهم.
أي إنسان مهماً كان شريراً يمكننا أن نكتشف فيه شيئاً منا ومن الخير إذا جالسناه وعاملناه بالحسنى. ولكن الأمراض النفسية والضعفات والإرادة المعوجة تشوه الإنسان.
واعتقادي أن الله قادر على العمل على هذه الصورة الداخلية.
هذا رجاؤنا، وهو أعلم.
يعني بالنسبة للأخيار ليس هناك أهمية للعقيدة؟ المهم هو عمل الإنسان؟
أحب أن أعرف ما تؤمن أنت به، وليس ما ترجوه.
شخصياً، بالنسبة للأشرار، إيماني بالنار لا يقل ولا ينفصل عن إيماني بالجنة، بل أكثر من ذلك؛ لا يمكن تخيل هذا العالم دون الإيمان بوجود النار. لا أتخيل أن من ذبحوا الأطفال في سوريا أمام بعضهم وأهلهم سيمرون بفعلتهم. ما يعزينا أن القتلة سيُعذَبون. نعم أريد جهنم يُخلد فيها بشار وأعوانه ومن هم على شاكلتهم. أريد جهنم يُعذب فيها سارقو قوت البشر في الدول الفقيرة التي يموت الأطفال فيها من الجوع والعطش أمام أهلهم دون أن يستطيعوا فعل شيء.
نعم كل إنسان مخير بالضرورة، وكل مخير يجب أن يتحمل عاقبة أفعاله بطريقة ما.
أنا لا أتطرق الآن إلى العقيدة. العقائد، او بعضها على الأقل، نتاج جهد عقلي وروحي معاً. العقيدة مهمة في دلالتها، فمثلاً الإيمان بالبعث مهم جدا للمسيرة الروحية للإنسان لأنها تعلمه أن هناك خلود وأن الحياة لن تذهب هباء.
هل هذا يعني أن من لم يؤمن بالبعث سيدخل النار؟ هذا سؤال يجيب عنه الناس بطرق مختلفة.
العقيدة كما أفهمها وإذا كانت جيدة هي مشعل ينير طريق الإنسان، وبدونها قد يصبح الطريق أصعب. ولكنها ليست غاية في ذاتها.
الرجاء يحاول أن يصل باليقين إلى بعد آخر. أنا أعتقد بوجود عقوبة للشرير، ولكني أرجو أن تكون عقوبة إصلاحية، لأن أفكار الله أعلى من أفكارنا.
يعني أنا ما رح صيغ إيماني على حسب غضبي من بشار الأسد أو أبي بكر البغدادي أو جورج بوش. ولكنني أتفهم جيدا من ناله الأذى مباشرة من أحد هؤلاء. لن أشعر بشعوره بالطبع.
العقوبة موجودة، ولكن أرجو أنها ليست نهاية الطريق.
في قانون الإيمان المسيحي يقولون “ونترجى قيامة ااموتى والحياة في الدهر الآتي”. هذا لا ينفي الإيمان بهما، ولكن الرجاء يتوازى مع الإيمان، لكي لا يصبح الإيمان نوعاً من الثقة المتغطرسة، بل يبقى ثقة راجية.
مفهوم الرجاء يجتذب أفكاري، في كيفية تزاوجه مع الإيمان، بحيث يبقى الإيمان إيماناً من دون أن يتحول إلى غطرسة قطيعة مع المحدودية البشرية.
الله أكبر من الظالمين، ولكنه أكبر من أفكارنا ورغباتنا أيضاً.
قلتلك خلينا بالشعر 😌
أنا لا أصيغ إيماني على حسب غضبي من فلان من الناس، أنا أؤمن أن للطغاة والقتلة والمفسدين عقوبة لأن هذا ما تخبرنا به الأديان.
سبق وقلت أني أؤمن أن الله أوجدنا على هذه الأرض وأرسل إلينا الرسل والشرائع لتدلنا على الطريق وتعيننا على مواصلة المسير. كيف برأيك تستطيع الأم التي ذُبح طفلها أمامها أن تتابع حياتها دون وعد رباني يشفي صدرها من قاتل ولدها؟
ولماذا على الفقير أن يتركه الله دون أن يفرض على الغني أن يقدم له جزءا من ماله؟ الخ الخ.
مرة تانية، ما عندي مشكلة يكون الجواب قصيدة 😏
😏😏
أتفهم ذلك. ولا يمكن أن نبالغ في التنظير على من نالتهم المصائب
في العموم ربما يكون من الأنجح الاستثمار في فكرة اللقاء مع الفقيد أكثر من فكرة تعذيب الجاني.
عموما نحن لا نختلف في مبدأ وجود العقاب. أبدية العقاب أو عدمها جدلية كبرى عمرها قرون. ولن نحلها هنا.
من يصل إلى الفردوس لن يهمه على ما أظن مصير الأشرار. النعيم يقضي على مشاعر الشماتة. النعيم يشفي الصدور لوحده.
والله أعلم