غفوةٌ على ضفّة الأبديّ


بقلم فادي أبو ديب

(نُشِرت أوّلاً على موقع خارج السرب)

Type = ArtScans RGB : Gamma = 2.0

تخيّلي لو أنّ كلّ هذه المدنيّة كانت حلماً
وستستفيق إنسانيّتنا يوماً على شاطئ نهرٍ

ستستيقظ مذهولةً من هول الكابوس
ومن سهولة تلاشيه
غير مصدِّقةٍ لِما رأته من مناظر…
كانت مشاهد تبدو كالحقيقة
كالحتميّة…
كان ذلك هو العاديّ والمنطقيّ…
كسجنٍ لا مناص منهُ
كواقعٍ وحيدٍ لا بديل عنهُ

***
سنلتفت من غفلتِنا في ساعةٍ لا نتوقّعها
سينتهي الحُلُم البغيض
ستتحرّك المناظر الجامدة في المخيّلة
فيصحو الصيّاد فجأةً من جموده

 الذي بدا أبدياً على ضفّة الجدول
ويتنبّه العُشّاق من نومهم الطويل في أحضان شجرة

في عيونهم الناعسة

تبدأ الأزهار باسترداد صورتها الحقيقيّة

وتبدو وجوه الحيوانات كما لو كانت مليئةً بالكلمات

يعود التخاطر الذي لم يتوقّف لحظةً

 بين مخلوقات الأرض وساكنيها

***
نعم…قد  حان موعد الاكتشاف
كانت تلك رؤيا قبيحة
لِما يُمكِن أن يكون الجحيم عليه
في الحُلُم كانت كلّ الظواهر ظلالاً باهتة

متقطّعة

متناهية

متخلخلة المعنى
لُحيظاتٍ واختفى الحلم من الذاكرة
ما كان غير عاديٍّ أصبح هو الواقع الجديد
لا بل كان هو الواقع الوحيد
على ضفّة النَّهر الأبدي استفاقت البشريّة مجدَّداً
وكلّ شيءٍ قد اختفى

بنينا كلّ المدن في غفلةٍ من الأبدية
قتلنا بعضنا البعض في لُعبتِنا الذهنيّة الصغيرة
كلّ رصاصةٍ كانت توقظ نائماً
وكل موتٍ كان استفاقةً

***
انتهى الحلم يا سوسنة
انتهى للأبد
كَنَدى الصّباح زال وكأنّه لم يكُن

بدأ العالم الوحيد بالاستمرار مجدَّداً…

لا تخافي…كان حُلُماً إنسانيّاً
كانت تجربةً صغيرة

 فاصلاً مؤقّتاً

كانت خطيئتنا

أنّنا ونحن نتداولُ أحلام يقظتنا

غرقنا فيها

تعبنا من حديثنا الذي بدأ بريئاً

أردنا أن نبني ونرتحل

فأغفيْنا على وسادة الحُلُم
ابتعدنا عن ضفّة النهر الأبدي
وبنينا مُدُناً…
استعمرنا أراضي وغابات
أشَدْنا صروحاً

.

.
وعَشِقنا في لحظةٍ ما

.

.

لا…لم تكن هنالك نظرةٌ أولى

إلّا كتمثيليّة مزيّفة في إطار الزمان
فقد كُنّا عُشّاقاً منذ البدء!

 

ولكنّنا لم نعرف

كنّا غارقين

من فرط الحُلُم نِمنا طويلاً

 فقد أنهكنا الإبحار في الخيال

كان حلماً…لأنّنا لم ننفصل لُحيْظةً…
دوماً كُنّا هنالك على الضِّفاف المُزهِرة
طوال الصَّباح الأبديّ الذي كنّا غائبين عنه

تركنا أجسادنا هناك

وفقدنا المخيّلة في عوالم التوهُّم
وأمّا تلك العصور الي سَمِعنا عنها…
تلك التي شهِدناها…

التي اشتهيناها في أحلام يقظتنا

التي آلَمتنا ولم نستطع إنهائها

فهي لا تُخيف

ولا تمنح فرحاً أو بهجةً
فهي لم تكن سوى أضغاثُ غفوة

 

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.