بقلم فادي أبو ديب

أنا لا أفهم التاريخ إلّا كمراحل كوزمولوجية باتجاه هدفٍ ما لا نعرف شكله. المراحل الكوزمولوجية يجب أن تترافق بتيارات فِكرية عامّة من حيث التوجّه مع اختلافها بالتفاصيل. ما هو خارج التيّار العام يُمسَح من التاريخ ليصير على الهامش.
لا أستطيع تبرير اعتقادي غير الجازم هذا، هو نوع من الحدس التاريخي بما فيه من قراءات لا أدّعي أنّها شديدة العمق. ولكنني أرى الحروب الحالية من هذا المنظور. من لا يتغيّر بإرادته سيخضع للتحول الكوزمولوجي قسراً.
رغم أنّ البعض يرى أننا قادمون باتّجاه سيطرة أوسع للجهاد الإسلامي على المدى البعيد، إلّا أنني أرى العكس تماماً. سيكون هناك مشاكل على المدى القصير /الطويل نسبياً، ولكن منظومة الفكر الجهادي تنتمي لحقبة مختلفة عن زمننا. العِلم الحالي والرّوحانيات الدينية المألوفة وغيرها من الروحانيات غير الدينية التقليدية كلّها تتجه نحو شكلٍ مختلف لم يعد يتقبّل الفِكر الجهادي البربري الذي يعتمد على قوّة السيف المباشرة، ولا البنية النفسية والعقلية الحاملة لهذا الفكر. ربّما العصر الحالي أصبح أشدّ فتكاً من نواحٍ معيّنة، ولكن ليس بأسلوب الحروب الجهادية. هنا لا أتحدّث عن أفضلية لأحدهما، ولكن عن حقبات.
الحروب القادمة ستمسح الجهاد الإسلامي من الوجود حتى لو بقيت مئة عام، لأنّ شراسة العقل ودهائه الذي يفكّر لقرونٍ قادمة تبقى أقوى من شراسة الانغماس العاطفي والتخطيط التفجيريّ مهما بلغ تعقيد تفاصيله. نحن فعلاً نتوجّه نحو عصرٍ جديد. ربما يكون أكثر قذارةً من سابقه من نواحٍ معيّنة، ولكن لا مكان للجهاد الإسلامي فيه.