حديث قصير وأوّليّ في مصطلح “العلاقة الشخصية” مع الله


بقلم فادي أبو ديب

10805550_799156466793505_1479039695071777578_n

يبدو أنّ موضة العصر في القرن الأخير تقريباً في العالم المسيحي الشعبي هو الحديث عن “علاقة شخصية” مع الله بين الفرد المؤمن والله بحسب مفهومه.  ورغم جاذبية هذه الصّورة التعبيرية وبعض فوائدها التقويّة، إلّا أنّها لا تستطيع أن تخرج عن كونها علاقة مراهقة تفتقر للعمق الرّوحي والعقلي، وخاصة مع انتشار اللاهوت الشعبي الذي يصوّر الأمر كأنه علاقة حبّ حميمية بين طرفين.

مشكلة هذه الصورة لا تقتصر على كونها مأخوذة من نموذج شِعري يهوديّ ساذج فحسب، بل لأنّه يؤطّر الحياة الروحية في إطار ضيق يضمّ بين أطرافه صورة العلاقة الشخصية بين فردين من البشر.  وكما هو الحال في معظم الأحيان، فالعلاقة الحميمية بين فردين بشريّين تتسم بشكل رئيسي بالفكر المراهق والأنانيّة الشديدة وحبّ التملّك والنَّزَق والهَوَس بتفسير تصرّفات الآخر وحركاته، بالإضافة إلى المحاسَبية الاستعبادية على كثير من التصرّفات والسلوكيات.  

هذه السلبيات نراها أيضاً في الحياة الروحية حيث يظنّ الفرد المؤمن لوهلة بأنّه مسؤول عن تفسير تصرّفات إلهه وإعطائها تبريرات تعتمد على التخمين والموقف الدفاعي المؤسَّس على الرّغبة في معرفة الآخر معرفة واضحة.  هذه العلاقة المراهِقة جاهزة تماماً، كما هو الحال في عالم البشر، إلى التحوّل إلى عداء مستحكم ونقمة كبيرة عندما يصاب أحد الطرفين أو كلاهما بالتشويش وسوء الفهم.  أو ربما تأخذ هذه العلاقة شكل السيّد والخادم في مخيال الفرد، بحيث يستمرّ الخادم بطرق الباب من الصباح حتى المساء ليسمع جواباً في النهاية، وقد لا يسمع!  وطبعاً فالعلافة مع الله ليست هكذا، ولكنه ستقع فريسة لهذه التصوّرات عندما تأخذ الصورة الوهمية للعلاقة الشخصية.  اما صورة الآب والابن، وهي الصورة البديهية التي سيطرحها أحدهم، فهي أكثر هذه الصّور فشلاً، فالأب عادة لا يحجم عن الإجابة الفورية لابنه، سواء كان القبول أو الرفض هو محتوى الإجابة.  العلاقة الروحية ليست بوضوح ولا ببديهية ومفهومية هذه الصورة البشرية الأخيرة، بل فيها الكثير من التّرحال والغرابة وغيرها من الأطوار العجيبة التي لا تناسب صورة علاقة الأب بالابن.

إنّ الحياة الروحية هي مواجهة مع الوجود وما فوق الوجود.  وإذا كان الله ناراً آكلة كما تحبّ بعض التصويرات الدينية أن تصفه، فيمكن القول أنّ الحفاظ على مسافة منه يبقى أمراً محبّذاً وضرورياً، من أجل رؤية الصورة الأكبر بشكل أفضل.  الكون يسير بطريقة منظّمة، على الأقل كما يبدو من العالم الطبيعي، والإنسان ينبغي أن يقوم بدوره في هذا الوجود من دون انتظار تفسيرات.  يمكن للإنسان في بعض الأحيان أن يحدُس بعض الأسباب بطريقة عجيبة غير مفهومة، ولكن هذا لا يسمح له بأنّ يدّعي قُرباً من المعارف الممنوعة، إلّا في حالات خاصّة قد تكون متوفّرة لأولئك الذين يعيشون حياة روحية غير عادية بكلّ معنى الكلمة.  العلاقة الشخصية بصورتها البشرية تفترض حصريّة الشخص وكونه ملكاً لي بشكل ما.  ولا نستطيع أن ندّعي أنّ الإنسان سوف يتحرّر من هذه الصورة فقط لأنّه يقرّ لفظياً بأنّ الطرف الآخر- الذي هو الله- لا ينحصر بأحد.

في الكتاب المقدّس كثير من الصّور القصصية عن علاقة حميمة بين الشخص والله.  يجب الانتباه إلى أنّ كثير من هذه الصور مجرد تعبيرات أدبية تجسيدية على الأغلب، لتوضيح مدى القرب بين الشخص وإلهه.  هذا لا يعني وجود علاقة “شخصية”.  شخصنة العلاقة كما ذكرتُ أعلاه تُحيل فوراً إلى الطبيعة الهشّة والغامضة (والواضحة بما يزيد عن اللزوم أحياناً) للعلاقات البشرية- البشرية بكلّ ما فيها انكسارات وانشراخات وفجوات يتغاضى المرء عنها لسبب أو لآخر.

الروحانيّ يجب أن يعتنق الشجاعة في هذا الوجود، الغامض بكلّ ما فيه.  يجب أيضاً لا ينخدع بلحظات الإشراق الإدراكي التي ينالها، وكأنّه حصل على ما يريد، لأنّ لحظات السواد والشّواش القادمة ستصدمه لا محالة، وقد يكون ضررها ضرراً لا يمكن السيطرة على نتائجه.  الموقف المتواضع يشترط شيئاً من اللاأدرية من الحكم على الأمور، لأننا نقف أمام ماكينة وراء-كونية هائلة لا يمكن حتى تصوّر أيّ شيء عنها.

العلاقة الروحية مع هذا المجهول- الآب الذي هو مصدر كل شيء هي علاقة تماهي حدسيّ، مهما كان جمالها وإغراؤها لا يجب أن يُطلق عليها “علاقة شخصية” لأنّ هذا تصوّر مراهق وساذج كان يجب أن يبقى مع التصوّرات الدينية البدائية التي انتهت.  روعة تعاليم يسوع المسيح هو أنّه أكّد على أنّ المواجهة المتواضعة مع هذا المجهول (الآب) ستكون حتماً رابحة، ودعا إلى الثقة بها من دون أن يفسّرها أو يقدّم عنها كثيراً من الإيضاحات.  هي مواجهة تقود إلى حياة- حياة لا نعرف بعد لا طبيعتها ولا كنهها ولا الهدف منها، لأنّ كل هذه الأمور تفوق تصوّراتنا.

الإعلان

28 comments

  1. هذه المقالة تشبه إلى حد ما مضمون فيديو قديم لك هذا رابطه

    هل يزعجك أن أناقش الأفكار الواردة في كليهما؟

    • نعم، لا بأس. ولكنني لا أتبنى بالفعل معظم ما هو وارد في المقالة. أما الفيديو فلا أتذكر محتواه بالتفصيل.
      سياق المقالة تحذيري نقدي أكثر مما هو لاهوتي-فلسفي.

  2. تمام. أولا أحب أو أوضح فكرة بشأن ما أسميته أنت القواعد. في الدين لا شيء على الإطلاق يضمن لك حياة سعيدة ومستقرة وهانئة لا ان اتبعت القواعد ولا إن لم تتبعها. ما يفعله الدين، أو قل ما يفعله الالتزام بالدين بحق والقرب من الله هو أن يجعلك راضيا بقدره مسلما له. هذا باختصار.
    لا أعرف بالضبط كيف وصف الفريسيون في الكتاب المقدس، لكن اتباع القواعد لا يعني النفاق.
    النفاق أمر شنيع جدا، وفي الإسلام، المنافقون في الدرك الأسفل من النار، لكن…
    لا يحق لأي أحد وصف آخر بالنفاق إطلاقا لأن هذا من أعمال القلوب، وأما عن الحديث الشريف الذي يصف المنافق بثلاثة خصال “إذا حدّث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان” فغايته أن يراجع الإنسان نفسه ليرى إن كان فيه شيء من نفاق.
    عودة على القواعد، القواعد وضعت لتسهل حياتنا كبشر وتضبط علاقاتنا من الفوضى التي نشاهدها حاليا، لكن هل يعني أن الإنسان يحتقر من لا يتبعها ويزدريه؟ لا طبعا. هل يعني أني سأكون ملاكا لا يخطئ؟ أيضا لا. الله يغفر الذنوب ويقبل التوبة.
    نحن كبشر دائما ما نقيم الأمور من منظورنا الخاص لذا نرى أن بعض القوانين صارمة أو بعض العقوبات شديدة، لكنّا لو نظرنا إليها من منظور شخص آخر لاخترناها كما هي.
    أنظر إلى الفقر الشديد في العالم وإلى أعداد الأطفال الذين يقتلهم الجوع! لو أن البشر يلتزمون بقانون واحد هو قانون الزكاة، الذي هو ركن من أركان الإسلام الخمسة، والذي يخرج فيه الإنسان ألفا من كل أربعين ألف مضى عليها عام وهي جامدة ولها شروط أخرى طبعا، لما وجدت فقيرا على سطح الكوكب!
    الارتكان إلى النفس البشرية والخير الصادر منها دون الالتزام بقوانين تلزمها عليه في بعض الأحيان يقتل آلاف الأطفال سنويا. هكذا أفهم الأمور.

    • لا نستطيع أن نعيش بلا قوانين بطبيعة الحال. السؤال هو فقط ما هي طبيعة القوانين. وهذا سؤال تمت الإجابة عنه في العالم المعاصر.

      بالطبع أنا أفضل أن لا نحكم على الناس بالنفاق، فالغالب أن البشر يغلب عليهم الضعف والعجز وجهل الذات وأحوالها أكثر من النفاق.

      يمكن تلخيص حال كثير من فريسيي ذلك الزمن، وليس كلهم، بما مكتوب عنهم في الإنجيل بأنهم يبلعون الجمل ويحاسبون الناس على البعوضة، يهمهم التدين الخارجي وأن يجعلوا الناس يرونهم يصلون في المجامع وزوايا الشوارع ويوزعون الصدقات.
      في الحقيقة، كان الفريسيون مهتمين بما نسميه اليوم “المجتمع” وشكله وأخلاقه، أكثر من اهتمامهم بحاجات الإنسان وقضاياه المصيرية وأسئلته وآلامه.

      كما تعلمين وأعلم أنا فإن انتشار عقيدة ما تدعي امتلاك الحق الأسمى في المجتمع سيؤدي إلى ازدراء غيرها. هذه طبيعة الجماهير البشرية، حتى لو كانت العقيدة متعلقة بريال مدريد أو برشلونة!!
      هذا ما كان وما هو حاصل وما سيستمر في المدى المنظور.

      لا شك إذن أننا بحاجة إلى القوانين، ولكنها القوانين التي تسير حياتنا. حتى الزكاة وهي مبدأ ممتاز قد تحتاج إلى تعديل في نسبتها مثلا للتلاؤم مع حاجات جماعة معينة في زمن ما ومكان ما، ولا يمكن الركون إلى تعويض الناقص بالصدقات مثلا.
      الفكرة أن القانون يجب أن ينطلق من الواقع إذا كان قانوناً اجتماعياً مثلاً، حتى لو كان قانوناً إصلاحياً لإصلاح الواقع.
      فالقوانين مثل الطعام تتعفن مع مرور الزمن وقد تتحول إلى نقيضها.

  3. الزكاة على فكرة مو بس من المال. يعني مثلا شخص عندو أراضي كتير وعم يطالع منها محصول طالما المحصول تجاوز حد معين في زكاة رح تروح منو للفقراء. زيت، زيتون، تمر، الخ. كمان الها قوانينها بس انا مو على اطلاع عليها لاني ماني مسؤولة عنها 😌.

  4. الزكاة هي الحد الأدنى المطلوب، ومن زاد عليها فيدفع صدقة والصدقات لها أجرها. أي أن الله أمر بشيء وترك القسم الآخر للإنسان ليقرره بنفسه. لعقل الإنسان يعني😏ولضميره😏😏
    لكن الدين متكامل، فمثلا ورد في الحديث: ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع وهو يعلم.

    هل تتخيل أنه سيبقى فقر في هذا الزمن لو توقفت السرقات ومنع الربا وأخرجت الزكاة؟

    • مو مختلفين. الفكرة أنو العقل يحكم في الشيء حين الحاجة له. فإما أن يلجأ إلى الصدقات، او إذا كانت الصدقات قليلة يتم رفع الحد الأدنى للزكاة إلى حد اختفاء الحاجة. هذا مجرد مثال فقط.

      بالزمانات في حلب لجأت الدولة إلى جملة لإقناع التجار بفتح دكاكينهم باكراً، ولجات إلى الوازع الديني، فيعني ما تركت حديث نبوي عن اهمية العمل يعتب عليها. ما النتيجة؟ لا شيء حسبما أذكر. الحلبي لا يستطيع الاستيقاظ باكراً للعمل. هذا دستور فيزيائي أقرّه نيوتن كما تعلمين. هنا يكون القانون جيداً. في حالات أخرى يكون ترك الناس على سجيتها جيداً.
      يعني الحياة الاجتماعية بدها مرونة ورشاقة :D

      • أمران مختلفان. طبعا لن يطبق الجميع هذه القواعد، هذا لا يعني أنها خاطئة أو غير ضرورية!
        يعني مثلا الأب قد يضع قانونا بعدم التأخر في الليل بعد ساعة معينة خارج المنزل، القانون ضروري، لكن التطبيق قد يحصل وقد لا يحصل. والنتائج اللاحقة تترتب على ذلك.

        هذا نقاش طويل على كل حال ولي عودة غالبا 😌😌

      • صحيح، أحياناً النظرية تكون جيدة ولكن التطبيق خاطئ. ولكن أحياناً ومع التكرار الشديد للتطبيق الخاطئ يجب إعادة فحص النظرية، وإلا سنبقى مدور فيحلقة مفرغة. فإما نستمر في شتم الواقع لأنه ليس مثل النظرية، أو نبحث في النظرية.
        وهذا ما لمح إليه أينشتاين، وهو عالم غير حلبي😏، بقوله بما معناه إنه من عدم الحكمة أن نطبق دائماً نفس الخطوات ونحصل على نتائج مختلفة.

  5. صحيح، القوانين مثل الطعام تتعفن مع مرور الزمن إذا كانت موضوعة من بشر، لا من رب وسع هلمه وإدراكه كل شيء.

    “حتى الزكاة وهي مبدأ ممتاز قد تحتاج إلى تعديل في نسبتها مثلا للتلاؤم مع حاجات جماعة معينة في زمن ما ومكان ما، ولا يمكن الركون إلى تعويض الناقص بالصدقات مثلا”

    ممتاز جدا. عطيني التغييرات اللازمة! شو الشي اللي يفترض إنو يتعدل على قانون الزكاة؟

    • الله يخاطب البشر بحسب زمانهم ومكانهم أيضاً. وهو قادر على ذلك 😏 ومنحهم العقل، حفر وتنزيل، ليتبعوا المبدأ بحسب الحاجة. سبحانه وتعالى!

      أما التعديلات على الزكاة فيقدرها الناس في وقتهم بحسب حاجة بيت المال للمال وبحسب الحاجات، فاليوم هناك حاجات كثيرة والدولة تغير مفهومها عن قبل. مثلاً يعني. المهم مبدأ الزكاة نفسه، وليس النسبة المئوية بحد ذاتها.

  6. ومنحهم الاختلاف في الطبائع وطرق التفكير😏😏. في واحد بيطالع القرش متل كأنو عم يطالع روحو، وواحد بيطالع ملايين وما بيسأل!

    بعدين لا تخاف إذا المال الناتج عن الزكاة فاض عن الحاجة ما بيعفن متل الطعام، بينعمل فيه مشاريع… مدارس… مشافي… طرقات… تبولة….الخ.
    وثانيا في شروط للزكاة انو الانسان يكون مكتفي ومو مديون وانو المال صرلو سنة من غير ما يعمل فيو شي و و و و و…. هاد كمان الو مدلولاتو، بدك تعرف كيف طبعا😌
    الإنسان اللي عندو ثروة كبيرة ومخزن مصرياتو بدو يضطر يدفع أموال طائلة كزكاة، وبالتالي بهالحالة رح يلجأ إنو يحرك مصرياتو بمشاريع او ما شابه، وحركة الأموال بشكل عام تعني وظائف وحركة اقتصادية. يعني كلو بينفد ع كلو.

    بعدين وين التقدير اللي عم يصير؟ شو نتاج العقل اللي حكيت عنو؟ بيعملو كم جمعية خيرية ليوزعو مساعدات بأفريقيا اللي لسا ما شبعوا نهب منها؟

    • نتاج العقل نراه عند المقارنة بين وضعنا الآن ووضعنا منذ ٥٠٠ عام مثلاً. سلبيات كثيرة أضيفت وكثير من الإيجابيات.
      اختلاف الطبائع أدى إلى ظهور النظريات السياسية وغيرها. يعني حرّك العقل!
      لا كمال على الأرض، ولكن العقل حتمي.

      أنا كنت أقصد فيما لو لم تكفي أموال الزكاة، وليس في حال وجود فائض. القصد هو أن المبدأ عظيم، ولكن العقل هو من يجد أفضل الوسائل لتطبيقه.

  7. طبعا أنا حين قلت ألفا من كل أربعين ألف طرحت مثالا فقط. النسبة هي ٢.٥ بالمية وهناك حد يجب أن يصل إليه المال وأمور أخرى كثيرة.

  8. عدنا…
    بالنسبة لنيوتن وتطبيق النظريات، هذا تقريبا ينطبق على كل شيء في الدنيا، يعني مثلا الله أرسل الأنبياء، هل آمن الجميع بهم؟ لا. كانوا يقتلون الأنبياء وكان الله يستمر في إرسالهم.
    أنت تؤمن بالتجسد لخلاص البشرية، هل الجميع سينال الخلاص؟ نفس الأمر ينطبق على القواعد، هي ضرورية سواء طبقها الجميع أم لم يفعلوا.
    بالنسبة لترك الزكاة دون تحديد نسبة معينة، لاحظ كيف تلعب الأحزاب السياسية على حبل الضرائب. والسؤال، هل يجب أن يتعلق مصير الفقير بهذا الحزب أو ذاك؟ ماذا عن البلدان الدكتاتورية التي تحكمها العصابات والحرامية؟ في سوريا مثلا كيف ستضمن حق الفقير؟ خلال الحروب أو انهيار الأنظمة أو أو الخ.
    الله حين وضع القواعد ترك مجالا كبيرا للعقل والضمير البشري لكن لا يمكن ترك الأمر برمته دون تحديد حتى لا يضيع حق الفقراء، إدفع الحد الأدنى من المال المطلوب منك، وزد بعد ذلك إن أردت، وابدأ بمحيطك. الموضوع جدا بسيط.
    على فكرة، حتى الضرائب يحاولون التملص منها بطرق كثيرة. الشركات الكبرى لديها وسائلها لفعل ذلك وأنت بالتأكيد تعرف ذلك. لاااااااااا يمكن ترك الأمر للبشر نحن أنانيووووون بمعظمنا.

    • موضوع إرسال الأنبياء هو موضوع عام لا يمكن أن أناقشه بمصطلحات صح وخطأ مثلاً. ولكن لنلاحظ أن أصحاب الأديان ابتكروا مسألة “اختتام الوحي”، أي أنهم اعتبروا الإرسال نفسه غير مستمر في الزمان والمكان.
      ولكن هذه مسألة شائكة ولن أناقشها الآن لأنه لا حل فيها، وهي كحقائق الأديان الروحية الكبرى، مثل التجسد في المسيحية ونزول القرآن في الإسلام، مسائل نخضع للإيمان من عدمه، مع وجود حجج طبعاً ولكنها من داخل الدين نفسه وقراءته التاريخ.
      أنا لذلك أضعها على جانب منفصل 😊
      ما أناقشه الآن فقط هو الأخلاق الاجتماعية والنظرية السياسية للدين، وهذا ما أدعو إلى تحكيم العقل فيه بصورة كبيرة. فالحقائق الروحية قد تكون منفصلة عن شروط الزمان والمكان، أما الأمور الاجتماعية فليست بالضرورة كذلك، وما وجد لتنظيم مجتمع عام ٥٠٠ قد لا يصلح أبدا لتنظيم مجتمع ما عام ٢٥٠٠. هذه طبيعة الحياة، ولا يمكن لله أن يمن على أجدادنا بأخلاق معاصرة لهم، بينما يجبرنا نحن على اتباع شريعة لزمان غير زماننا .
      هل على رأس أجدادنا ريشة وعلى رأسنا خسة أو ما شابه كما يقول المغفور له أب غالب من حارة أبو النار؟😌😌
      أتذكر أننا تحدثنا في هذا الأمر، وقلت لي أن المحرمات تبقى محرمات، أما ما لم يخضع للتحريم الواضح فيمكن أن نتعامل معه بمرونة بعض الشيء.

  9. هلأ أولا بالنسبة لعقوبة السرقة فيها إلها تفاصيل كتيرة يعني لا تطبق الا في مجتمع يطبق بقية الأمور حسب معلوماتي. يعني العلاقة عكسية؛ المجتمع يجب أن يؤمن الفرد أولا.
    ثانيا المال الذي يعاقب عليه الإنسان هذه العقوبة هو المال المحرّز أي المحمي، يعني اذا شخص تارك حقيبتو مفتوحة واجا حدا سرقو يعاقب بنوع آخر من العقوبات أعتقد اسمها عقوبات تعزيرية يقررها القاضي. هذه الامور لها تفاصيل كثيرة جدا.
    ثم هي عقوبة شديدة جدا طبعا انا لا أنكر ذلك لكنها تطبق على شخص مؤمَّن اجتماعيا، ولم يتعرض لإغراء المال الداشر، الخ. وبالتالي هو على علم بما سيؤول إليه الوضع فلماذا يقدم على مثل هذا العمل؟ ليشتري مارسيدس؟
    قطع يد السارق أمر كبير جدا، لكنه أفضل بكثير من أن يموت شخص ما بسبب الجوع الناتج عن السرقات.

    • نعم، ولكن في كل الأحوال قطع يد شخص يعني الحصول على معاق غير منتج لا يتمكن من إصلاح حياته.
      لماذا لا نقول إن هذه عقوبة عفا عليها الزمن؟!
      نحن لسنا بحاجة حتى للدفاع عنها.
      ذلك زمان وهذا زمان.

      • والانسان الذي يسرق المال وهو ليس بحاجته مع علمه بالعقوبة الني سيتعرض لها أليس معاقا؟
        الامر لا يقاس هكذا، الأمر يقاس بالضرر العام. السرقة قد ينتج عنها جرائم قتل وهي كثيرة. يدخل الرجل لبسرق وينتهي بجريمة قتل لذا وجب أن تكون العقوبة مخيفة منعا لمثل هذه الحوادث.
        لكنك لو نظرت إلى المجتمعات اليوم لوجدت أنها بمعظمها لا تتوفر فيها شروط تطبيق هذه العقوبة، أي أن العقوبات على السرقات غالبا تكون من تحديد القاضي.

      • يا عمي معاق، طيب منقوم منعيقو بزيادة، بحيث أنو بيبطل قادر يتسبب؟!🧐

        السرقة لن تنتهي بقطع الأيادي، والسعودية سابقاً كانت تقطع الرؤوس ولم تنته بها الجرائم، وكذلك في إيران يتم إعدام الإنسان بسهولة نسبية، ولم تنته الأسباب.

        القضاة لا يحكمون بمشيئتهم ولكن بناء على القوانين الجزائية.

        أنا برأيي نلغيه لهالحكم ونلاقي تصريفة تانية 😏

  10. الطبيعة البشرية واحدة الآن وقبل مليوني عام 😏.

    طيب بعطيك مثال تاني، هناك قوانين تمنع السرقة وتعاقب عليها، والحرامية معبييييين الدنيا. هل الخطأ بالقانون؟

    بعدين ما فينا نحسبها هيك، والا بنفس المقياس بيحتج الإنسان وبيقول ليش أنا ما خلقت بزمن المعجزات؟ ليش ما شفت كيف موسى شق البحر وكيف المسيح أحيا الموتى بإذن الله؟

    بالنسبة للجزء الأخير صحيح بس ما عرفت شو علاقتو بالموضوع؟

    بعدين الآن وبعد مليوني عام، هل بتتوقع إنو نظرة الإنسان وعقلو أحكم من الله؟

    لحتى ما طول عليك كتير خلينا ناخد الموضوع من الاتجاه المعاكس، ماهي الأمور السلبية التي قد تنتج عن تطبيق القوانين الإلهية بسبب عدم ملاءمتها لبشر هذا العصر؟

    • القانون المضاد للسرقة هو هو. الخطأ أن أقطع يد السارق في عام ٢٠٢١. هذا ما أقصده.
      اليوم نعلم أكثر عن نفسية الإنسان وعن التربية، لأننا درسنا هذه الأمور.
      هذا لم يتوفر لأجدادنا. ذلك زمانهم وهذا زماننا.

      الطبيعة البشرية واحدة، ولكن تراكم عليها طبقات من الوعي لا يمكن تجاهلها. الإنسان مركب وليس بسيط، ولا يمكن اختصاره بطبيعته الغريزية التي لم تتغير.

      هل أقكع يد سارق مثلاً في وسط مدينة برشلونة كما أفعل في وسط قندهار؟ لماذا أصلاً؟ لردع السارق؟ هل توقفت السرقة في أفغانستان بسبب قطع اليد؟ لا طبعاً.

      الإنسان قد لا يحتاج معجزة، ولكنه يحتاج إلى قانون معاصر 😊

  11. السرقات لن تنتهي والجرائم لن تنتهي، ومع ذلك هذا لا يعني إلغاء العقوبات. أعيد، قطع اليد له شروط محددة إذا لم تتوفر يقرر القاضي عقوبات أخرى نعم مستمدة من قوانين الدولة.

    لكن كما سبق وذكرت بعض العقوبات من الممكن إلغاؤها. مثلا إذا أسقط أهل القتيل حقهم من الممكن أن لا تتم عقوبة الإعدام. بينما في الدول الغربية الأمر منهي، يدخل القاتل السجن ويعيش مدللا من أموال الضرائب التي يدفعها والد القتيل!

    • صحيح، لأنه في الغرب تطورت الدراسات النفسية والاجتماعية بشكل هائل. وكما تعلمين فهذان العلمان غير موجودين تقريبا لدينا.
      هم يعتبرون أن انحراف أي شخص نحو الجريمة هو شأن فردي يتعلق بحرية الإرادة ويجب أن يعاقب عليه، وفي نفس الوقت هو شأن مجتمعي قد يكون المجتمع مسؤولاً عنه، أي قد يعتبرون أنهم لم يوفروا ما يلزم لابتعاد الشخص عن الجريمة، أو لمعالجته إذا كان مريضاً.
      هذان الجانبان يجب أخذهما معاً، بالإضافة إلى أنهم لا يعتبرون العقوبة انتقاماً من الشخص بقدر ما هي جزاء عادل وإصلاح له وكفّ لأذى الشخص عن المجتمع.
      هذا لا يعني أن نتفق بالضرورة مع بعض أصناف الدلال الموجودة.
      ومع ذلك أظن أنك ستفضلين لأحد أحبائك أن يدخل سجناً في السويد وليس في بلد يقطع الأيادي، حتى لو كان مرتكباً لكبيرة من الكبائر. 😌
      وهذا طبيعي ويدل على أنك إنسانة سوية بكل تأكيد.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

صورة تويتر

أنت تعلق بإستخدام حساب Twitter. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.