بلغتُ الثلاثين: ألا تحقّ لي ممارسة شيء من النبوّة؟


بقلم فادي أبو ديب

(نُشِرت أولاً على صفحتي على الفيسبوك بتاريخ 20 أيلول 2015)

CAM00399

منذ ساعة وربع تقريباً أتممت الثلاثين من عمري. لديّ بعض الرّهبة من هذا الرّقم، ليس لأنّه يشير إلى تقدّمي بالعمر وإلى دخولي عقد الكهولة أو ما يسبقها بقليل، بل لأنّه الرّقم الذي يشير إلى بزوغ الرّجولة الكاملة بحسب بعض التقاليد القديمة التي ما زالت تجد لها صدىً اليوم.
علاقتي مع هذا الرّقم مليئة بالرّهبة، لأنّها تتعلّق عندي بجملة أطلقها أحد أصدقائي عني عندما سأبلغ الثلاثين قبل خمس سنوات، ولأنها افتتاح العقد الذي يجب أن أنجز فيه كل البدايات الفعلية العملية لمشاريعي الكبرى في الحياة، ولأنّه العمر الافتراضي الرّمزي الذي بدأ فيه يسوع الناصريّ تجواله الأرضيّ.
اجتماع العنصرين الأول والثالث بشكل خاصّ يجعلانني أحدسُ بأنّني أدخل طوراً غير عاديّ من تجربتي الحياتية والرّوحية. أشعر وكأنّه يحقّ لي أن أطلق الصّلوات أو أتلفّظ ببعض الطلاسم الربّانية التي أحسّ لسببٍ ما أنّها من حقّي!
في سنتي الثلاثين من وجودي الأرضيّ، بعد زمن هائل من التجوال الكوني الذي أثق وأؤمن بوجوده ووجودي فيه، أريد أن أفتتح بوابة الدخول النهائي في ما هو معادٍ لكلّ تفاهة أرضيّة. أريد أن أستخدم حقّي في إطلاق رغباتي في الأثير والإعلان عن رؤاي التي لا أعرف كيف لها أن تحدث.

لذا سأضع إحدى قدميّ في عالم الواقع الملموس، والأُخرى في عالم الضّوء المجهول والسِّحر والدّهشة، وسأقول:

طوبى للباحثين لأنّهم يجدون.
طوبى للمتيقّنين رغم كلّ السواد لأنّهم يُدهَشون.
طوبى للّاأدريين رغم إيمانهم بالآب لأنّهم يصلون إلى قلب المعرفة.
“طوبى للحزاني لأنّهم يتعزّون”
“طوبى للمساكين بالروح لأن لهم ملكوت السماوات”
“طوبى للودعاء لأنّهم يرثون الأرض”
طوبى لمطاردي الأنوار حتى لو انعكاساً عن زجاج نافذة لأنّهم في كلّ حين ينخطفون.
طوبى لذوي المخيّلة لأنّهم يشتهون البِرّ.
طوبى للسّاخرين لأنّهم يصلون لجوهر الوجود.
طوبى لعارفي أنفسهم لأنّهم يعرفون الله.

جزيرة العرب سوف تفنى لأنّ آلهتها تقف في وجه الانقلاب الكونيّ.
ويل لجنود الله لأنهم سيُذبَحون على صدر إلههم المجنون المحتضِر.

ويلٌ لكل ما يقف بوجه تأنّث الدّهر لأنه سوف يذوب في معصرة هذا الكون الدائرة كأنّه لم يكن.
ويلٌ للجبناء لأنّهم يدمّرون صورة الله.
ويلٌ للواثقين باللغة لأنّهم يفقدون بهجة الحياة.
ويلٌ للحافظين التِّلاوات لأنّهم يتوهون عن طريق الرّوح.

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.