الدين الذي يحتاج إلى نسج علاقات وثيقة مع مسؤولي الحكومة والاستخبارات في أيّ منطقة يدخل عليها لا يحتاج إلى الله أصلاً. واسم “الله” فيه نموذجٌ بدئيّ Archetype يشير بواسطته أصحابُه إلى مصدر النفوذ الذي يتقوّون به وإلى السّلطة العالمية التي يسعون إلى اكتسابها أو إخضاعها لهم. هذا الإله ليس هو الكلّانية التي تتخلّل الوجود والتي تربطها برباط الانتماء إلى بعضها البعض، وليس هو المعنى الذي يجمعني بالشجرة والإنسان فأراهما موضوعاً للمطابقة مع ذاتي، وليس هو الخيط الذهبي الذي يريط أنايَ الفاعلة بأنايَ المنفعله فأعرف به أنّ الأنا واحدة وأنني أنا عينُ نفسي؛ ليس هو إله المثلثات وموسيقى الأفلاك والتطوافات الكونية للكواكب وحافز الانجماع للعناصر المحضة. ذلك الدين ينادي بالإله “الشخص فقط”، الذي هو على صورتنا ومثالنا، و”الشخص فقط” لا يمكن أن يكون إلهاً لأنّه ضدّ يقبل الضدّ فلا يكون كلّانياً.
فلا نستغربنَ إذاً أن نرى أنّ مسؤولي أكبر إرساليات العالم يرون الصديق هو الذي يحقّق واحداً من شرطين، وإذا حققهما نراهم يساندون قضاياه مهما كانت وضيعة وزمنية. وهذا الشرطان هما:
1- لا يعارض عملهم على الأرض، أو يقدّم التسهيلات.
2- يصادق الزعامات السياسية التي تموّلهم وتدافع عنهم.
هنا لا مكان لرياضيات العقل، بل للنفوذ والسيطرة ولعبة القوة العالمية التي لا تنبع من الكلّ الواحد من المصالح المتشابطة فيما بينها المتنابذة مع المصالح الأخرى.