بقلم فادي أبو ديب

جاءت حلوتي…وتدلَّلت
وطالبتني بكلام الغَزَل
فقلتُ لها: لماذا تثقلين كاهلي؟
فأنا ما زلت غِرّاً جاهلاً بفنون صياغة الجُمَل
أخاف الفشل أمامك…
وأنتِ بحرٌ من المعاني
فمن ذا الذي يستطيع وصف الثريّا؟
من يقف أمامك لا يعترف بَعدُ بالأبجدية
ولا يقرأ بعدها أيّ قاموسٍ
فالكلام تتجلّى فيه كل سذاجة الفَشَل
فأمثالك يا قمري
خُلِقن كي يُمِتن علوم اللغات
ويقضين على الشِّعر والنَّثر
ويملأن قلوب الشُّعراء بكل الخوف والوَجَل
هزّت رأسها بدلالٍ وقالت:
هل تبخل عليّ ببضعة حروفٍ
ثم تطلب من قلبي أن يعطيك الأمل!؟
آهٍ يا مِغناج…لو تعلمين
بأن المحبّة ليست في أنواع الكلام
ولا تُنَظْم في القصائد…ولا تُفهَم عبر لغة القُبَل
انظري في عينيّ…وراقبي
كيف أراكِ في مقلتيّ
انظري كيف ترتبك عيناي لمّا أراكِ
تعالي اتّكئي على صدري…واسمعي
قلبي ينادي اسمكِ بكل لغات الأمم…
ثم انظري قبضتي التي تتحدّى لأجلك…
كل الثقافات والشرائع…
وتتجاوز بلا اكتراث كلّ دساتير الدُّوَل
أمسكتُ يدها…فتورّدت وجنتاها..وصاحت
ويحك، أتعلّمني لغة الجسد!!؟
يا سوسنتي…يا قمري
ألا تميّزين اللغات…؟؟
ألم تحسّي بروحك ترافق روحي…
مسافرةً عبر الأكفّ…
لا تعترف بكل حدود العالم…
وقوانين المجتمع…والأعراف…والمواثيق…
ألم تحسّي بروحك…تنادي…تصرخ…
تنفجر في وجه كلّ شيءٍ…وكل شخصٍ…
ألا سُحقاً للقوانين ولكل صنوف الدَّجَل؟؟؟
ألم يقل الرب الإله: منذ البدء كانا عاشقين…
منذ البدء…كانا…وسيستمرّان معاً
حتى نهاية الأجَل؟
تراجعت بدلالٍ وأومأت الرأس
سألتني:
إذاً عَلّمني لغة المحبّين…!
كيف سأعلّمك يا حبيبتي لغة العيون؟
كيف سأشرح لك حرارة الأيدي المتشابكة
وحريق الأنفاس الملتهِبة؟…
دعكِ من خرافات العلوم…
تباً لكل ذاك السَّأَمِ والملّلْ
وانبذي جانباً…أثقالاً…
ما أحبّها القلب يوماً… وما احتمل
تعالي عانقيني لتتعلّمي كلّ القواعد
تعالي لتحترفي لغة الصمت… والنَّظرات
تعالي لأحكي لك…. يا زهرة البيلسان
جمال الوجنتين المزيَّنتين بحُمرة الخَجَل
تردَّدَتْ…تراجعتْ…كِدتُ أفقدها
ارتفع أنين النَّفس…وبكيتْ روحي داخلي
أين تذهبين وتأخذين معكِ حياتي؟!
ولكنّها فجاةً…
وبسرعة…جَرَتْ إليّ هاربةً
من كل العالم…من كل الشُّرور والهواجس
لم تطالبني بعدُ بكلمات الغَزَل…
ولم تعد تعشق القواعد والعبارات وفنون الجُمَل
قالت لي: يا حبيبي…خذني إلى الغمر العظيم
فلم يعد عالم الشياطين مسكني
وسأتمرّد على الدنيا…والتاريخ…
وأحكام الناس المستسلمين لظُلْم القَدَر
سأعلن ثورة الياسمين على بشاعة التقاليد
وسأندِّد وأحرِّض على سلطة كل الطواغيت…
وأحاكم الملوك والسلاطين
فمن يستطيع قَتل من لم يعترف يوماً
بقوانين سعى في فرضها…
كلّ أفّاقٍ أثيم…
وكل فاسدٍ تعيس من أسوأ بني البشر
عانقتني…تركت كل شيءٍ خلفها…
ورافقتني…
فُتِح باب السماء إلى الأبد..
ودّعنا كل العالم…
وداعاً أيها الموتى…
وداعاً يا كل قوانين الأصنام والأوثان
فكيف ستمنعونني من أن أكون معها…
يا آلهة الخَشَب والحَجَر؟!