بقلم فادي أبو ديب
“السيرة النجمية لقسطون الذّاهِل” هو ديواني الثالث الصادر عن دار فضاءات في عمّان عام 2018. وبعد ديوانَي “صلوات غنوصيّ سوريّ” (2016) و”ميامر الحجرة العرائسية: مدخل إلى المثالية-الوافعية السحريّة” (2017)، يأتي هذا الكتاب ليشكّل ما يشبه السيرة الشخصية لكاتبه بشكل شعريّ غرائبيّ.
يتألّف الكتاب من 276 صفحة من القطع المتوسّط ويحتوي بالإضافة إلى النصوص على ستّ لوحات بالحبر الأسود تتوزّع على بدايات الفصول الأربعة ونهايات بعضها.
يمكن الحصول على الكتاب من هنا: السّيرة النجمية لقسطون الذّاهل (إصدار عام 2018).
أما الفصول الأربعة فهي:
منزل البدايات: وتسوده ذكريات الطفول البعيدة وبدايات اليَفَع في مدينتي صافيتا.
يختفي ديرٌ مجهول المداخل
عند انتصاف الليل
أسمع عبر الجدار هذيذاً وبعض ترتيلات خافتة
أتمسّك جيداً بالوسائد الضخمة
المتطاولة القاسية
العابقة بروائح سبعة جدودٍ لأُسرتنا
ومن بين خصل صوفها الملبّد/
الفيّاض بأريج البراري والقطعان الثاغية
أشتمّ رائحة الطمأنينة والخلود
أترك نفسي حينها
أعوم في عذوبة أنصاف الكوابيس”
غرفة جلوس وشرفة على بساتين بوهيمية
حجرات للسّبات الراجع في دروب الزمن
مكتبة كبيرة
وسراديب تنفتح للمثابرين/
على مقاهٍ سرّيّة بين الجدران الملوّنة
في الخارج أعمدة هيكل حيراميّ
وممرّات رياح
تطيّر في الهواء ضويئات عصر لمّا يأت بعد
في حجرة واحدة فقط
سرّادق من الشجر
شرقي الأردنّ: وهو عن حياتي وتجوالي لعدة سنوات في الأردن.
“ها أنا عند حافة العالم
بين أرنون وقصر هيرودس العالي.
هناك تغرق حقول الحنطة الخضراء برطوبة النجم الكبير،
برذاذ شبه بارد تُغسَل عيون الذّهن وتُربة الهواء،
من أسوار ميدبا حتى قمم هضاب المِلح
نجمع لأورشليم الجديدة عجيناً بِكراً لتُطعم العالم
خبزاً يفوح، سحراً وتعجّباً
على سكّان القلاع الناسكة
والساكنات في مدائن لذّة الغروب
على كل الذين يخلطون بين البحر والشمس الحمراء/
ولا يميّزون
يعومون كل صباح وعشيّة في خضمّ توأمي المياه”
العلّيّة التي على مدار نبتون:
“هل تذكرين
حين كانت منازلنا هوائية؟
معمورةً فوق بعضها
أعمدةً للهيكل الشاسع
وكان هيكلنا على أسوار نبتون
/السيّد الصغير/
جسر العقول نحو الشمس البيضاء
التي تتبدّى في مناماتنا
كصبحٍ بحريّ مديد بلا أفق؟
***
أمس
رأيتُ قريتنا
هيكلاً واحداً على سور الشمس
واللهيب طريّ كستار مخدعٍ عرائسيّ
والبحر يضمّنا كلنا
يسيل من الأشعة
ويعود إليها
افرحي/
لأننا نُبحر بين مسالك الخلاء الزّاهية
التي لا تنتهي”
زارع الدّهور:
“ثمّ خرج الزارع ليزرع
فزرع خارج بابنا دهراً
وكثّف جدول الزمان بين جدراننا
وأظلم النوافذ
فأصابتنا نشوة المتوقّع العارف
***
وخرج ليزرع
ساعةً أخرى
في الأسبوع الذي بلا أيام
فزرع كروماً جديدة مكان المياه الكثيرة
وقال إنّ البحر كان منذ البدء
خضمّاً في الذهن
بلا مياه
وصوتاً في الشّجر
***
ثم خرج الزارع ليحصد
فرأى الحقول قد صُيّرت مروجاً للرياح المنيرة
والثمر ريّاناً يحبس في دسمه أصوات مجرّات وحيتان وشموس
فقال إنّه حسن جداً
ونسي الحصاد
واستراح في رأس الدّهر المزروع
قريتنا البيضاء”
أنهيتها اليوم. أعجبتني لغتها وأحببت الرسومات أيضا.
أنهيتها بسرعة!🙂🙂
جيد أنك وجدت فيها ما يعجبك. هذا يسعدني.
كدت أنسى أن فيها رسومات! شكراً جزيلاً لك
صفحاتها قصيرة جدا لذا انتهت بسرعة، وأيضا ليس لدينا وظائف الآن 🙂
اكتشفت أيضا أن الكتاب الذي أرسلت لي مقتطفات منه كنت أنت كاتبه 🙂 “ميامر الحجرة العرائسية”.
للأمانة أحببت الكتابة النثرية التي كنت قد أرسلتها جدا، وأحببتها أكثر من الشعر. ربما لأن موضوعها كان عاماً، أما الشعر فهو غالبا ذو صيغة دينية مسيحية. أو ربما لأني أنا بشكل عام أميل أكثر للكتابات النثرية.
أتمنى لك التوفيق وآمل أن أقرأ لك رواية يوما ما كونها المفضلة لدي:)
للشعر أوقات معينة للقراءة أيضاً 🙂 أنا قلما أقرأ الشعر عموماً. في شعري الكثير من الرموز المسيحية، ولكنها ليس شعراً دينياً فهو شعر “خوارج” إذا فُحِص بعين مسيحية تقليدية. ولكن الرموز حاضرة كونها نابعة من البيئة الثقافية وكونها تشكل جزءاً من المخيال الفردي والجماعي للمكان ولأشخاصه. ناهيك عن أن الشعر مسألة شديدة الذاتية، وخاصة الشعر غير الواقعي.
من طريقة قراءتك أستطيع أن أقول إنك تميلين للقراءة النثرية 🙂🙂 كونك تقرئين بدقة وتحاولين معرفة دلالة كل كلمة بشكل حاسم. الشعر يركز على الحركة والصورة أكثر أعتقد، وعلى مناخ النص وعالمه.
أنا أقرأ النثر وأستعمله في الشعر.
أما الرواية فعالم آخر. ربما أكتبها حين أشيخ😁 لا أستسهلها كما يفعل كثير من الشباب اليوم.
أما الأجزاء من مقدمة الميامر فلم أقل من هو كاتبها لكي لا تتأثر عملية القراءة. هو أيضاً كتاب شعري بالمناسبة ولكن مع مقدمة طويلة.
“لا أستسهلها كما يفعل كثير من الشباب اليوم” أرجو أن لا أكون أنا المقصودة :)))
نعم بالطبع كتابة الرواية ليست بالسهولة التي نعتقدها وأستغرب أيضا ممن يخرج برواية كل ستة أشهر أو سنة. هي عملية معقدة يحب أن تأخذ بالحسبان الكثير من النقاط.
لا، لست أقصدك أبداً. أقصد العدد الهائل من الروايات التي تخرج كل يوم من دور النشر، وقد اطلعت على بعضها.
ومع ذلك فالفعل أفضل من الجمود وعدم الفعل. والزمن يحكم.
صحيح تماما.