بقلم فادي أبو ديب
أنا من صافيتا، ومنطقة وادي النصارى البديع بالقرب منا في غرب سوريا. وأزعم، وربما بعض الزعم خاطئ، أنني أستطيع تصور وتفهم بعض دوافع وأفكار الأحزاب المسيحية اليمينية في لبنان في شكلها البسيط وغير السياسي المحض. بيئاتنا تتشابه إلى حد لا بأس به، وأزعم أن الخيال يراودنا بطرق متشابهة، على الأقل في بعض المجالات. الجبال، الوديان، الأجراس، الآحاد، وجوه الأيقونات، الأديرة المنتشرة…إلخ وأعتقد أنني أعبّر في شِعري مثلاً عن كثير من هذه الصور.
هذه تصورات “جنينية” وطبيعية، لأن مصدرها هو اللاوعي والخبرات الموروثة في اللاوعي الجمعي والذكريات الطفولية والوعي الجمعي أيضاً.
المحك هو أن نعلم أن هذه التصورات لا يمكن أن تبني دولة قابلة للحياة في منطقة كمنطقتنا، بل في الحد الأقصى إمارة كموناكو تعتاش من مصادر خارجية. هذه خيالات طوباوية وبدائية جداً، جميل أن نعتني بها في نطاق القرية والبلدة والشعر وحياة القلب، ولكنها غير قابلة للحياة على نطاق واسع لأنها ببساطة تنتمي لنوع من الفكر الرهباني الحبيس ولكن بإسقاط جمعي.
هذه دوافع ممتازة للفن. ولكن سامة إذا خرجت إلى النطاق العمومي.
تماماً كحياة الراهب، ممتازة لحياته هو ولكل من يأتي إليه، مدمرة إذا حاولنا جعل قانون الدير قانوناً لمجتمع.
تستطيع أن تتحول إلى كونية في نطاق حياة القلب والتعامل التلقائي بين الناس، ولكنها نرجسية جداً إذا اتخذت الشكل الرسمي المجرد.