أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب أمس أنّ مملكة البحرين ستوقع في القريب العاجل اتفاقاً للسلام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل (المصدر). ومع أنه لا يمكن أن يكون أحد في العالم العربي قد أصيب بالاستغراب إلا إذا كان منعزلاً عن العالم خلال السنوات العشر الأخيرة، إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لماذا الآن، وفوراً بعد الإعلان الإماراتي عن تطبيع العلاقات مع الكيان العبري؟ وأعتقد أن الإجابة ليست في منتهى الصعوبة، حتى إذا تناسينا الارتباط العضوي بين الأسر الحاكمة في دول الخليج العربي والولايات المتحدة وبريطانيا.
فالبحرين تدرك كما تفعل الإمارات أنّ كونهما قاعدة متقدمة للنفوذ والمصالح الإسرائيليين هو الشيء الوحيد الذي سيضمن الحماية لهما في وجه إيران، مهما تغيرت الإرادة (والإدارة) الأمريكية في المستقبل، بترمب أو بدونه، برئيس معاد جداً لإيران أو بآخر أكثر اعتدالاً منه تجاهها. عدا ذلك فهما تعيشان طوال الوقت في كابوس مخيف: متى يفقد الأمريكيون الرغبة بالحماية؟ فالأموال السنوية التي تدفع للأمريكان لا يبدو انها تكفي. الأمريكان يريدون أكثر من الكاش. يريدون تطبيقاً عملياً للخضوع. والعالم الغربي بشكل رئيسي يستطيع أن يتغاضى عن كثير من الأشياء ويحنث بكثير من الوعود ويقدم العديد من التنازلات إلا فيما يتعلّق بإسرائيل، وهي الاسم الحركي لأكبر قاعدة تقنية-عسكرية-مصرفية تابعة للإمبراطورية العالمية خارج حدود أوروبا وأمريكا.
والبحرين تمتلك موقعاً استراتيجياً غاية في الأهمية في منطقة الخليج العربي-الفارسي؛ فهي بجزرها المتعددة تشكل مخفراً أمنياً متقدماً يحرس السواحل السعودية، فيما لو أعدِت لهذا الغرض. المملكة الصغيرة التابعة فعلياً للسعودية التي تحتلها منذ عام 2011 عبر قوات “درع الخليج” بالتعاون مع أسرتها الحاكمة لقمع أحداث الشغب والتظاهرات التي اشتعلت في ذلك الوقت هي عربون صداقة وشراكة بين السعودية وإسرائيل. البحرين التي تملك مساحة أجمالية تقدَّر بأقلّ من نصف منطقة تل أبيب الكبرى لن يطول بها الأمر لتصبح موقعاً عسكرياً وتقنياً واقتصادياً إسرائيلياً متقدماً في منطقة الخليج العربي، وهو الأمر الذي كان من الصعب تخيله قبل عقود قليلة من الزمن، الأمر الذي سيكمل خط الجبهة الحربية ضد إيران، والذي قد يمتد في العاجل من عمان جنوباً حتى الكويت شمالاً.
لأول مرة في التاريخ الحديث سيكون لإسرائيل مجموعة جزر في الخليج العربي.