بقلم فادي أبو ديب
تصدر قريباً مجموعتي الشعرية الجديدة “حرّاث العوالم: زائر القرى النائمة” عن دار فضاءات، عمّان- الأردن. الكتاب يقع في حوالي 264 صفحة من القطع المتوسط.
نصوص من الكتاب:
صلاةُ قُبيلِ منتصفِ الليل
أبانا الذي في المطر القديم
ليتقدس وجه شبابك
لتتجلّ أيقوناتك المرسومة في ضباب التلال
لتكن دروب ملائكتك بين شجرنا ككثرة أزقتنا
أعطنا يقيناً كاليقين العتيق
ولا تضجر من قريتنا فهي فارغة كالقمر
ولكن تعال لكي نزرع الوديان
علّمنا كيف نرى ما في صدر السنابل
وبراعم النار في الزيتون العجوز
ولا تتركنا نغادر الهضبة العالية
لأنّ الشمس السيّديّة وبحرها سيظهران قريباً
20 كانون الثاني 2020
شعاب كاتدرائية سان سولبيس
ما هذي الشّعاب المتلافّة خلف قُدس الهيكل؟
أخزائن بيتنا العتيق استحالت غابةً
أم بقيّة من ذهبٍ تلبّستها جذوع الأرز الغابر؟
الجمع ساجدٌ يصلّي
وأنا وحدي في الخلف واقفٌ أبتهل
أن تنفذَ عيناي إلى القدس الأقدس
أو أعرفَ كيف يتوهج الشمع بلون الخشب
أو تتصدّع المخافي
وأعرف ما هو المتواري قُرب مسكن الله
ألعلّ عند الله حجرةً سحريّة
أو /كما كان لأبي/
خلف أبوابه المواربة أبوابٌ خلفيّة؟
باريس، 3 آذار 2018
خلف مذبح سان سولبيس
خلف مذبح الشموع الرّخامية
مئات الأبواب الخشبية المبرقشة بظلال النار الخافتة
مواربة كلّها
تتظالل لتؤوي شهوات أحلام.
والكلّ يمرّ وينظر ويغادر
الكاهن السّكوت يومئ
الابتسامة العجوز تقول إنّ القديم فقط يرى ويحلم
وإنّ في آخر الهيكل حقولاً مفلوحة وزيتوناً وروابيَ
وأضواءً بلا شعاع وشرفاتٍ فرحة
وأطفالاً وصنوبراً ورائحة شتاء واخزة
وبحاراً تهدر ولا تهدر
وشموساً وأمطاراً وفصولاً تتمازج
وفجراً جديداً يلوّن الأفق في قلب الديجور المبارك
وظهيرةً لا تُلاشي هيبة الليل
وقال أيضاً وهو ينصرف
إنّ الطوبى ستكون
لمن لا يخاف أن يدخل بين الظلال
فيخرج من دائرة السيّاح المغلقة
ومن بين مقاعد المصلّين
باريس، 10 آذار 2018
الرّسول
في الليل الذي لا يحلّ على كل النيام
يرفع غصناً
ويغمسه في النهر الذي يجري بلا مياه
يهتف باسم أحبّه ولا أعرفه/
بحرارة ألف شمس
يرشّ الهواء وغُرف الفضاء
فتنهمر علينا الشمس العميقة زمناً جديداً
ويقول لي إنني أنا أبٌ وأمّ
ويعطيني أن آكل مزموراً/
يحكي عن مملكة الهواء الطيّب
الذي تمرّ فيه كل الأزمنة
ويحكي عن الليل المُقيم الذي يشبه النهار
وعن ملائكة التلاميذ في زوايا المدارس
والشتاء العاصف الذي لا يُبدّد بهجة النار
وعن الشمس التي في الرذاذ
وعن بطرس الرّاعد
ومساء “العذارى الجاهلات” وبئر مريم
وعن إسرائيل الفقيد
وموقد السيرافيم المسرنمين حول ذي الوجه الأليف
ويقول لي
خذ لك منزلاً بين لفيف الشّجر
وراقب المدينة.
من الزيتون وأحراج العُلّيق أنت
وإليها سوف تعود
5 نيسان 2019
عطّار المدينة
يجلس في كرسيّه شارداً
عطّارُ المدينة
يطاردُ رائحة أليفة غريبة
تتضوّع في سماء الجمهور السّاعي
عبر شارع السوق الطويل
يتذكّر الأم التي تبحث عن شيء في الهواء
خارج الشبّاك المتوهّج
المشرف على الوادي الجاثم أمام يوم القيامة الوشيكة
والآن قد بلغ سنّها
يتبسّم مثلها
بأسىً متردّدٍ ينكّهه الاشتباه:
كأنّ رائحة حميمة
ستضيء الذّهن
بغتةً
3 نيسان 2019
يمكن الحصول على المجموعات الشعرية السابقة من هنا.
قام بإعادة تدوين هذه على غنوص المحبة.