ديسمبر 7, 2020ديسمبر 7, 2020 comingeon نيكولاي برديائيف: الديمقراطية كعامل انحطاط (مجلة مدى الإلكترونية) حققت هذه المقالة ما يقارب 6000 قراءة منذ نشرها في العدد الخامس (2018) من مجلة مدى الإلكترونية. تيكولاي برديائيف (مصدر الصورة) “…لا يتوسّع برديائيف في مقالته “الوعي الديني الجديد” في مقارنة الديمقراطية بما سبقها، ولا في سرد إيجابياتها وسلبياتها وإيجابيات ما سبقها وسلبياته، فالنقطة الرئيسية هنا هي أنّ الإنسان الذي كان جزءاً من منظومة معنوية كبرى وجد نفسه فجأة من دون مرجعية تستطيع تبرير مرجعيّته المزعومة لذاته. وحتى الدولة التي كانت تتحجّج بالسلطة الإلهية وتبرّر أفعالها ووجودها بها لم تعد اليوم تمتلك صفة معنوية غير مشروطة. فإذا كان الحاكم سابقاً يستطيع أن يبرّر حاكميته باستعمال المفردات الإلهية أصبح اليوم موجوداً بلا مبرّر وجوديّ مطلق، وعليه أن يبحث عن بدائل مقنعة. وبالتأكيد يمكن للدولة اليوم أن تدّعي أنّها موجودة من أجل خير المواطنين أو لصالح هذه المجموعة البشرية أو تلك. ولكن هذا الخير وهذا الصالح مقترنان بمعطيات أمنية واقتصادية واجتماعية معيّنة ومقاسة بالزمان والمكان المحدّدين ولا ينتميان إلى سبب مطلق يضفي على وجودها من حيث الجوهر شرعية تكفل وجودها واستمرارها؟ بمعنى آخر، كيف يمكن الخير العام أو الصالح العام مع انتهاء وجود المرجعية المطلقة التي تتحدّد على أساسها معانٍ كهذه؟يصف برديائيف عصورنا الحالية المتجرّدة من شرعية المطلق بأنّها “العصور الأكثر مللاً وضحالةً وإضجاراً وانعداماً للّون. وحتى الإلحاد فيها مبتذل ولا طعم له بدل أن يكون عميقاً أو مرعباً. وفي أزمانٍ كأزمننا، كل الأشياء الكبرى تضمحلّ وتصبح عديمة القيمة.” (ص 10) كتب برديائيف هذه السطور في عام 1905، ولنا أن نقارن ما يقوله بما رأيناه ونراه من ابتذال وسطحية في نهايات القرن العشرين بدايات القرن الحادي والعشرين التي أصبحت فيها مسارح الفكر العموميّ تستضيف “مفكّرين” لا يخجلون من أن يروّجوا بقوّة للعبث والعدمية وانعدام المعنى، وأصبح بعض العلماء التقنيين والنظريين من صنف كارل ساغان ولورنس كراوس ونيل دوغراس تايسون وأمثالهم كهنة للفلسفة الشعبية السّهلة وللحشود التي لا تريد أن تصارع بشجاعة في المسائل الوجودية الأهم. هذه الفلسفة الشعبية الديمقراطية (ديمقراطية بمعنى أنّها فلسفة لا تقوم على المعرفة بل على السائد والاعتيادي وعلى ما تدعمه الأكثرية) أخذت على عاتقها مهمّة إراحة الجمهور من عبء التساؤلات الضخمة عن الوعي ومصدره ومعنى الوجود وغاية الحياة، وإقناع الحشود بأنّ الأسئلة الصحيحة هي فقط الأسئلة التي يمكن الإجابة عنها، وأنّ صعوبة السؤال قد تدلّ على الأرجح ربما على أنّه لم يكن من الواجب طرحه منذ البداية. وهذا يذكّر من دون شكّ بالأقاصيص الشعبية عن الإجابات القمعية أو الساذجة التي يواجه بها بعض رجال الدين الناس الذين يأتون إليهم متسائلين….” الإعلانShare this:البريد الإلكترونيطباعةTweetمعجب بهذه:إعجاب تحميل... مرتبط
مقالة جميلة ورائعة شكرا لكم
شكراً جزيلاً لقراءتك. أطيب التحيات