بقلم فادي أبو ديب

(1)
الجالسةُ على جبال شرق الأردن وفي وديانه
تستمطر الشّهب
وتجتذب إلى المدن شلالات الشمس
بانيةُ المدن الدفينة وساكنتها
الهامسة في آذان الزائرين أسراراً
والمتناسخة في اختلاف الوجوه البسّامة للبنات الطريّات
لا تنفكّ تنسج في أثير المجرّة سرّادقات شفافة
تنقل نسغ الصخر الأسود
ورؤيا البوادي البيضاء
وصور الرمل الملوّن المنثور حول البيوت العالية
من طرف الأرض إلى طرفها…
وكأنّ أوّل الزمان دوّامة
لا تغادر أرض الوديان الشمسية السحيقة
حيث يُخلَق الوقت كلّ يوم.
تشدّ إليها
كلّ مَن على ساعده وشم الزمان الأول
ولا يكفّ عن تلمّس كفّ أخرى في كفّه الفارغة
(2)
يستغرب ذلك الولع بروما
وبكلّ الدروب التي تؤدّي إليها
يضحك من السفن التي تخوض الأمواه العالية
لتصل إلى هضبة بألف تمثال
وأمّا هو فينظر إلى جبال البوادي العسلية
إلى تلال الزيتون والصنوبر
ووديان الرطوبة والنخيل
ينحت في الصخر الأحمر أحلاماً
ينهل من الماء البارد المتدفق/
من بين الحصى الوردية والخضراء والبيضاء
يهيل التراب على وجه السماء
ويقيم من الموتِ المسارحَ الرومانية الألف
المشيّدة بين أمواج السنابل
والأعمدة العشرة الآلاف
المسمّى كلٌّ منها على اسم نجمةٍ أو كوكب
يدعو الملائكة والناس جميعاً
ليشهدوا أفراح يوم القيامة
أمام وجه الغروب القرمزيّ والغيوم الذهبية.
لا تماثيل هنا أيّها العالم
بل عيونٌ وأرواح.