فلايمير سولوفيوف، استرداد الأندلس وتقدم التاريخ: لماذا كان سولوفيوف مع الحروب الصليبية؟


الفلسفة الروسية Russian Philosophy

(1)

في عمله الأخير “الحرب والتقدم ونهاية التاريخ: ثلاث محاورات” يقدّم الفيلسوف الروسي فلاديمير سولوفيوف (1853-1900) على لسان بطله “السيد ز” أطروحة قوية لمناصرة الحرب ضمن شروط ومعايير دقيقة، مقدِّماً معارضة مباشرة لموقف الكاتب الروسي الكبير ليون تولستوي وتلاميذه المناهض كلياً للحرب. ولحسن الحظّ فإنّ آراء سولوفيوف هذه يمكن أن نجدها ملخَّصة في عمل آخر من نفس الفترة تقريباً، وهو “رسائل يوم الأحد”، في عدد من الرسائل المُعنونة باسم “نيميسيس” وهو اسم إلهة الانتقام الإغريقية. في أولى هذه الرسائل يعرض سولوفيوف حالة الإمبراطورية الإسبانية الآفلة في أيامه وهزيمتها أمام الولايات المتحدة الأمريكية في منطقة الكاريبي. وبنظر سولوفيوف فإنّ أفول الإمبراطورية الإسبانية يعود إلى أنّها حوّلت الحرب إلى وظيفة دائمة ولم تعد حرباً دفاعية عن العالم المسيحي كتلك الحرب التي أنهت فيها مرحلة العصور الوسطى الأوروبية بإنهاء الوجود الإسلامي في شبه الجزيرة الإيبيرية وظهورها كقوة عظمى أوروبية ذات تأثير على كافة أنحاء أوروبا الغربية.

يرى سولوفيوف في انتصار الإسبان على…

View original post 1٬568 كلمة أخرى

18 comments

  1. “ولكن إذا كانت إسبانيا قد تحولت إلى فردوس إسلاميّ هل كان الأيبيريون سيكتشفون أمريكا؟ هل كانوا سينتجون رواية ثرفانتس [دون كيشوت] ودراما كالديرون، ناهيك عن فن الرسم الإسباني”
    بتعرف… يمكن هادا اللي بيسموه عذر أقبح من ذنب؟
    هل اكتشاف بقعة مجهولة من العالم وقتل أهلها واستعبادهم وسرقتهم أمر يستحق الفخر؟ ثم هم أنفسهم يعترفون أن رحلات الاستكشاف تلك كانت مادية بحتة، يعني متل الرحلات اللي عم تصير اليوم بالقطب الشمالي والمناطق النائية التانية واللي الله يسترنا منها لأنو الأرض مو ناقصها.
    أين الجوهر الروحي الذي تتحدث عنه؟ ثم إذا سلكنا نفس المنطق “الفايت بالحيط”، فهل كان بالإمكان استكشاف أمريكا دون الاعتماد على البوصلة التي استفادوا بها من غيرهم؟ ثم ها هي اليوم هي وسائر الدول المحيطة فيها ماذا تقدم لنفسها وللبشرية؟ دول محكومة بالفساد والتخلف. لماذا لم تكتب دون كيخوت أخرى إذا كان المسلمون هم العائق الوحيد لهذا التقدم؟ أين هم الآن؟
    ماذا لو سألنا الأشخاص الذين تم استعبادهم بسبب أسبانيا والبرتغال؟ هل كانوا يؤيدون ما حدث لهم في سبيل الاتحاد الالهي الإنساني الذي دافعت عنه إسبانيا واللي والله لهلأ لا فهمتو ولا حدا عطاني أمثلة عليه ولا عم افهم كيف اتحاد الهي انساني بتصدر عنو محاكم تفتيش وجرائم ماصار متلها بالتاريخ.
    ثم إذا كنا سنطبق منظور الحكيم زمانه سولوفيوف على الوضع الحالي، فبحب ذكر إنو “ولاد عمنا” متقدمين أكتر من الشعب الفلسطيني المسلم والمسيحي، وإذن من حقون ياخدو البلد، لأنو متل ما بتعرف إبداعاتون معبية الدنيا بكل المجالات.
    بعدين ميييييين قال انو المسلمين ضد الأدب والفن والاكتشاف؟ ولا يا بيشجعوا كل أنواع “الأدب” يا أما بينوصفوا بإنهون ضدو؟ ثم مو عاجبك فن العمارة الاسلامية اللي لهلأ العالم بيروحو يتفرجو عليها؟ ولا حصرا حصرا لازم يرسمو يعني🙄.
    الحرب دائما رح يلاقولها مبررات، ولو كان موجود اليوم حكيم زمانو كنا شفناه كيف عم يبرر قتل الروس لإخوتهون بالدين بأوكرانيا. كان لقالك سبب تاني غير الاتحاد الإلهي الإنساني باعتبار الطرفين هون بيتميزو فيه 😏😏😏

    • بعض أسئلتك هي موضوع الجزء الرابع والأخير من المقالة، وبعض آخر منها اجاب عنه سولوفيوف نفسه.
      في الحقيقة مجموعة رسائل سولوفيوف عن الإمبراطورية الإسبانية لم تكن مديحاً لها، بل هو كتبها كاستعراض تاريخي لما يعتقد أنه سبب سقوطها. فما هو سبب سقوطها في نظره؟ الإجابة هي: الجريمة.
      يفصل سولوفيوف بين الأحداث ولا يعتبرها نتيجة لبعضها البعض، فاكتشاف أمريكا لا يتطلب يالضرورة إبادة سكانها، ولكنه في حد ذاته جيد. وهكذا.
      طبعاً هنا لا نناقش الأخطاء في المعلومات لأن سولوفيوف ابن زمانه ومعلوماته الجغرافية وغير الجغرافية محددة في معارف زمانه. فهو لا يعرف مثلاً أنه من الممكن ان أمريكا اكتشفت قبل كولومبوس.
      ثانياً، في فلسفة التاريخ في القرن التاسع عشر وكثير منها فلسفة مثالية، مسير التاريخ أهم من الأفراد، ولهذا ثارت الفلسفة الأوروبية على السرديات الكبرى وأنتجت ما بعد الحداثة والتفكيك وكل هذا الكلام، الذي، بالمناسبة، لا يتفق المسلمون في أغلبيتهم معه. فقيم عالمنا المعاصر بما فيه قيم الاتحاد الأوروبي والتسامح مع الأقليات والجندر وغير ذلك هو نتيجة لتفكيك السرديات والقيم الكبرى التي لا تكترث إلا بالصحيح والمطلق والعام والمثالي.
      في زمن سولوفيوف الإسلام التاريخي كان ممثلاً بقوة وحيدة معروفة على مسرح التاريخ، وهو الدولة العثمانية التي كانت في طور التفكك ورجعية للغاية مقارنة بالممالك والدول الأوروبية في ذلك الزمن. ففي مجال الفنون لم يكن العالم الإسلامي في ذلك الوقت يحتوي من الفنون والآداب إلا يسيرها، فالمسرح والرواية والرسم والنحت والموسيقى العالية كانت كلها في بداياتها، ناهيك عن الفلسفة والعلوم.
      أما القوة الإسلامية الأخرى التي عرفها الروس جيداً وعايشوها لقرون فهي التتار. ولا أظن أن الأمر بحاجة للشرح هنا.
      ولكن مع ذلك، هل بالفعل نريد أن نربط ما هو صحيح بما هو مزدهر مادياً وفنياً؟ سولوفيوف اعترف برفعة الثقافة الإسلامية الأندلسية مقارنة بإسبانيا في ذلك الوقت، ولكنه مع ذلك اعتبرها ميتة روحياً.
      أنا لا اعتقد أن سولوفيوف كان خبيراً في الإسلام على أية حال، ولا اعتقد أنه كان على اطلاع وافٍ على التصوف الإسلامي مثلاً وفلسفته وأشعاره، ربما بسبب عدم ترجمته في ذلك الوقت. فكما نعلم الترجمة كلها قام بها الأوروبيون. ولست متأكداً بخصوص زمن الترجمات، ولكنني اعتقد أن معظمها تم بعد وفاته عام 1900.
      من يريد تبرير الحرب سيبررها بسهولة. وهذا أمر معروف.
      في العموم كان سولوفيوف يعتقد بأنّ الإنسانية-الإلهية تتجسد عبر التاريخ، ضمن المادة، عبر العلوم والآداب والفنون والمحبة بين البشر. ولذلك أدان الإمبراطورية الإسبانية واعتبر سقوطها عدلاً بسبب جرائمها، تماماً كما اعتبر سقوط بيزنطة على يد العثمانيين عدالة إلهية وحذر روسيا من نفس المصير الأسود.
      أما ما هي الأمثلة على الاتحاد الإلهي-الإنساني، فهذه مسألة ميتافيزيقية تعتمد على افتراضاتنا المسبقة. يمكن لأحدنا القول أنّ ظهور العلم في ذاته تجسيد لها، والبعض الآخر سيدعي انها الموسيقى. ولكنني شخصياً عادة ما أشير إلى ظهور الإنسان الفرد المسؤول ذي الإرادة في المضيّ نحو الأمام- محاربة العبودية- العقلانية والروحانية معاً-المحبة والفهم العميق بين البشر. ظهور مبدأ حقوق الإنسان ومفاهيم التحرر كلها أمور ثورية للغاية في التاريخ الإنساني وليست من البديهيات أبداً عند القدماء
      هذه أمثلة بالنسبة إلي على الإنسانية-الإلهية إذا ما قارنّا هذه الظواهر بظواهر الحرب والأنانية والعقلية البدائية الخانعة والانشغال بالتوافه.
      ولكن تبقى هذه المسألة مفتوحة للتأمل لأننا لا نتكلم هنا عما هو محصور فقط في حدود التاريخ المادي.

  2. أنا أعرف أنه يفصل بين الأحداث ولا يعتبرها نتيجة لبعضها البعض، لكن هو يحتج ويقول إن المسلمين لم يكونوا روحانيين رغم رفعتهم الثقافية، ولهذا يبيح الحروب الصليبية ضدهم لأن الأشخاص الذين قادوها وشاركوا فيها كانوا من دعاة الروحانية والارتباط بما هو إلهي وكانوا يشجعون الفن “مرحبا فن”
    وسؤالي هنا واضح جدا: كيف أمكنه وصفهم بالروحانية والاتحاد بالإلهي والمطلق إذا كانت قد صدرت عنهم فور استيلائهم على الحكم كل تلك الفظائع؟ فكما هو معروف، لا يظهر الفكر الإنتقامي الإجرامي بين يوم وليلة، بل هو كامن في الشخص غالبا.

    ثم بصرف النظر عن المعلومات التي كانت لديه، هذا الشخص متناقض وأعطيك مثالا.
    هو يقول إن المسلمين كانوا متقدمين علميا وتقافيا في ذلك الوقت ثم يتساءل: لكن لو قدر لهم البقاء في حكم تلك البلاد هل كان الأيبيربون ليكتشفوا أمريكا؟
    والسؤال الذي يطرح نفسه: أليست العلوم تراكمية وتؤدي إلى بعضها؟ فإذا كان قد اعترف بتفوق المسلمين في تلك الفترة فالإجابة على سؤاله ذلك يجب أن يكون: نعم بالطبع، كان من الممكن أن يكتشفوها لأن اكتشافها لم يكن ليتم دون تقدم العلوم واكتشاف البوصلة التي استخدمها البحارة المسلمون في رحلاتهم.

    أما بالنسبة لقيم الاتحاد الأوروبي والتعامل مع الأقليات فأنا شخصيا أراها قيم كاذبة، ولو كانت هذه الدول تهتم مقدار شعرة لحياة البشر لما سرقتهم في كل مكان، ولأوقفت قتلهم. لكنها بدلا من ذلك تنفخ على النار في أنحاء العالم وتستقبل بعد ذلك من يستطيع أن ينجو من رحلة الموت ليساهم في بناء أراضيها والتمتع ببعض الحقوق فوقها، ولك في الأطفال المهاجرين الذين خطفوا من أحد فنادق بريطانيا بسبب إهمالهم دليل على ذلك. بس طبعا أهم شي تسوق المرأة السعودية السيارة!

    “أما القوة الإسلامية الأخرى التي عرفها الروس جيداً وعايشوها لقرون فهي التتار”
    التتار لم يكونوا مسلمين، بل كان لهم دين خاص بهم أسسه لهم جنكيز خان، لكن دخل منهم أعداد كبيرة في الإسلام بعد ذلك وهي سابقة في التاريخ أن يدخل جيش الاحتلال في دين البلدان التي احتلها وقتل أهلها.

    سأعود فيما بعد لأناقش بقية النقاط مضطرة للذهاب الآن.

    • بالنسبة لسؤالك الأول، فالأمر يمكن شرحه كالتالي:

      من المهم أن نفهم أن سولوفيوف كان يعتبر أنّ أيبيريا أرض أوروبية-مسيحية منذ البداية، وبالتالي الحروب الإسبانية كانت حروب استرداد (يعني شيء يشبه النظرة الإسلامية لأراضي الشام، وبأنها أرض عربية و/ إسلامية في أساسها وأن العرب حرروها). وبالتالي هو لا يبرر حرباً توسعية من وجهة نظره.
      النقطة الثانية أن كل فلسفة تاريخ كفلسفته لا تشترط أن يكون الفاعل مدركاً تماماً لأبعاد فعله التاريخي. هذا سبب رئيسي في أنّ هذه الفلسفة لم تعد رائجة بين المفكرين اليوم. بمعنى آخر، الإسبان لم يكونوا على دراية كاملة بما يفعلون، وكانهم أداة بيد التاريخ ينفذ بهم مخططه الغامض.

      أما القيم المعاصرة فالأمر لا يوزن بالصدق والكذب. الفكرة الرئيسية ان مجموعة من البشر تمكنت من الوصول إلى عقد اجتماعي لتحكم به نفسها، وعلى هذا القدر من الرقي، وهذا أمر غير مسبوق في التاريخ، لأسباب كثيرة. اما ما فيه من فجوات فنستطيع تعدادها حتى صباح الغد وما بعده. نحن نتحدث عن نقلة نوعية في التعاقد الاجتماعي لم يعرفه البشر من قبل. ومع ذلك فهذا لا يعني انه غير معرض للانهيار.

      ومع ذلك يمكن السؤال: من قال إن الرسم الإسباني أهم من الشعر الأندلسي على سبيل المثال؟ هذه امور نسبية ولا يمكن الإجابة عنه بصورة قاطعة.
      هل لو كانت الدولة الحاكمة في القرون الوسطى عربية وليست تركية كان المر سيكون غير ما كان عليه؟ لا يمكن الإجابة على تساؤلات كهذه لنها في حكم الغيب.
      ولهذا كل قراءة لفلسفة مثل فلسفة سولوفيوف المثالية هي قراءة مشروطة ونسبية، وتعتمد على أولوياتنا وافتراضاتنا.

      أما من ناحية التتار، فهو مصطلح واسع يدل على مجموع عدد كبير من القبائل التركية الآسيوية إضافة إلى الشعب المغولي. التتار الذين حكموا روسيا كانوا أو صاروا مسلمين، ولعل معظم بقاياهم يشكلون اليوم دولة كازاخستان.
      يشبه التتار في ذلك القبائل الجرمانية التي اعتنقت ديانة روما المسيحية رغم التنافس بينهما وكذلك الأمر مع شعوب أوروبا الشرقية.
      الدين في ذلك الزمن كان يشكل أداة لا غنى عنها لتوحيد القبائل تحت سلطان واحد يحكم باسم الله.

  3. كان يعتبر أسبانيا أرضا مسيحية منذ البداية هذا أمر آخر لم يذكر في المقالة، لكن بكل الأحوال، خرجت المسيحية من بلاد الشام وانتشرت وتوسعت حتى بلغت ما بلغت بعد حربها مع الوثنيين. أي أن أسبانيا لم تكن منذ البداية أرضا مسيحية، بل الأمر أنه وفي ذلك الوقت كانت القبائل تستوطن فتستملك وكان المبشرون ينشرون الأديان فيدخل فيها البشر وتصبح الأراضي التي يسكنونها تابعة لأبناء هذه الديانة أو تلك، أو غير ذلك. وكذلك الأمر أيضا بالنسبة لبلاد الشام. وأنا لا أدين طبعا محاولة الإسبان استرداد الارض التي سيطروا عليها في فترة من الزمان، أنا أدين الجرائم التي حدثت بعد ذلك والوحشية التي مورست على أبناء الديانات الأخرى والإجبار على الدخول في المسيحية.
    كانوا أداة بيد التاريخ؟ هل المسيحيون يعتقدون أن الإنسان مخير أم مسير؟ كمسلمين نعتقد أن كل فرد مسؤول عن أفعاله.

    بالنسبة لأوروبا نعم بالضبط. هم تمكنوا من الاتفاق على عقد اجتماعي ليحكموا أنفسهم. تماما. أي أن الأمر حدث من أجل مصالحهم هم. حتى يتمكنوا من مواجهة القوى الأخرى. وهو بالمناسبة ليس أمرا جديدا. وأزيدك أيضا أن حقوق الإنسان التي “يتبجحون” بتطبيقها طبقها المسلمون قبلهم بكثير.

    “يشبه التتار في ذلك القبائل الجرمانية التي اعتنقت ديانة روما المسيحية رغم التنافس بينهما وكذلك الأمر مع شعوب أوروبا الشرقية”

    اعتناق تلقبائل الجرمانية للمسيحية يشبه اعتناق المشركين واليهود والمسيحيين للإسلام. الأمر بالنسبة للتتارمختلف. يعني كأن تقوم اليوم الصين باحتلال روسيا ثم تدخل أفواج منها في المسيحية.

    وبالمناسبة أنا ما طلبت إنو توصلني إشعارات ع الميل 😏

    • لا اعرف بخصوص الإشعارات. هذا الأمر يتجاوز صلاحيات المدونة حسب علمي.

      الجرمان احتلوا روما أيضاً ثم تبنوا ثقافتها ومذهبها أيضاً، وهم من نشر الثقافة اللاتينية في أرجاء أوروبا وليس الطليان أصحاب الأرض. هذه مسألة طويلة. فهم يشبهون التتار في هذا.

      لا أريد الدخول في مسألة حقوق الإنسان وتطبيقها من قبل المسلمين، لأن المسلمين لم يكونوا واحداً سياسياً. فعمّن نتكلم؟ عن العرب المسلمين أم عن الترك السلاجقة أم العثمانيين أم المماليك؟ هل كانت الحقوق المدنية في أيام الترك السلاجقة مثلاً كنظيرتها بعد الثورة الفرنسية في فرنسا؟ هذا خيال روائي :)
      أم نتكلم عن حقوق الإنسان المنصوص عنها في الكتب؟

      على كل حال مسألة ملكية الأرض قضية لا تنتهي ولا أريد الدخول فيها.

      الفلسفة والديانات تتحدث عن إرادة الله وعن مسؤولية الإنسان، ولكن لا يوجد ولا اعتقد انه يمكن أن يوجد نظرية قادرة عن طريق اللغة المصالحة النهائية بين هذين المفهومين.

      المسيحيون بطبيعة الحال يؤمنون بالتخيير بالطبع، ولكن دائماً هناك إغراء التفكير بخصوص الهدف النهائي للتاريخ. المسألة أكبر من مسؤولية الإنسان. نرى الأمر عينه في الإسلام بالطبع، فهناك بداية ونهاية للتاريخ وهناك يوم آخر ومعارك كونية نقرؤها في المرويات حيث سيحدث كذت وكذا، ولا يبدو أن أحداً يؤمن أنه يمكن منع هذه الأحداث من الحصول (حتى لو لم يكن كل مشارك في هذه الأحداث يعرف ما تعنيه بالفعل).

      بالنسبة لكثير من الناظرين الخارجيين الإسلام “مشهور” بفكرة القضاء والقدر، لا بل هذه الفكرة إحدى العلامات التي يرى بسببها بعض الفلاسفة أن الإنسان في الإسلام لا حول له ولا قوة.
      حتى المنتخب السوري للطابة يؤمن معظم لاعبيه أنه “قدّر الله وما شاء فعل”! فسبحان الله :D

  4. “ولكنني شخصياً عادة ما أشير إلى ظهور الإنسان الفرد المسؤول ذي الإرادة في المضيّ نحو الأمام- محاربة العبودية- العقلانية والروحانية معاً-المحبة والفهم العميق بين البشر. ظهور مبدأ حقوق الإنسان ومفاهيم التحرر كلها أمور ثورية للغاية في التاريخ الإنساني وليست من البديهيات أبداً عند القدماء
    هذه أمثلة بالنسبة إلي على الإنسانية-الإلهية”

    جميل. هذا ما يدعو له الإسلام؛ فهو يؤكد على أن الإنسان، كل إنسان هو خليفة الله في الأرض وأنه يجب أن يعمل على إعمارها وأن أي إنسان سيسأل عن أعماله منفردا، وينهى الإنسان عن الاتباع الأعمى روحيا وعقليا، ويأمره بمعاملة الآخرين بالحسنى بما في ذلك من خالفه في الدين “لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم”. ولا أعتقد أن هناك طائفة من البشر عاملت عدوها كما فعل الإسلام الذي لم يذكر عنه مجازر ووحشية بحق أعدائه أبدا وهو في أوج قوته.

    وأخيرا، أنا أرى في رجل مستعد للدفاع عن المظلومين ونصرة الحق شخصا أقرب للروحانية من آخر يؤلف مقطوعة موسيقية تطرب مليارات البشر أو فنان يكتب رواية تعيش لملايين السنين ثم هما لا يهتمان أن يفعلا شيئا آخر للبشرية.

    الفنون بشكل عام تصدر على الإنسان بسبب رغبة فيه، لأنه يريد أن يخرجها. لأن في ذلك سعادة له. فأنا حين أكتب قطعة أدبية أكتبها لأني شعرت بالحاجة إلى كتابتها ولبس لأن العالم بحاجة إليها. كتابتها تشكل جزءا مني ومن شخصيتي وكينونتي ومصيري ربما. لذا فالروحانية بالنسبة لي هي هي أمر منفصل عن الفنون والفلسفة تماما. هي قد تكون إحساسا بالآخر ووخزة في القلب عند إيذائه أو التقصير في حقه. هذه هي الروحانية. أما حب الفن فهو كحب الجمال، فطرة الإنسان الأبدية الأزلية التي ما تزال تقف في وجه الملحدين ونظرية التطور خاصتهم.

    • نعم، أنا اعتقد أن الإسلام إسلامات والمسيحية مسيحيات، وكل منهما (كغيرهما) فيه مستويات عدة من الروحانية والفهم لماهية الدين. بسبب الترجمة وظهور الإنترنت أصبح بإمكاننا الاطلاع على كل هذه الأمور، اما من سبقونا فكان من الصعب عليهم رؤية أبعد مما في محيطهم أو مما تكتب عنه الكتب المتوفرة حولهم.

      هذا أمر. والأمر الآخر أنه وبعكس التاريخ الأوروبي المدروس بعناية وتفصيل، لا يزال التاريخ الإسلامي بعيداً عن متناول العامة والغلبية الساحقة من الدارسين ضمن حدود العالم الإسلامي. الإسلام كغيره كان في تاريخه مجازر ووحشيات ذكرتها كتب التاريخ الإسلامية. أذركر أحد أصدقائي كان يبحث في امور متعلقة بتاريخ سوريا القديم وكان يقرأ في تاريخ البلاذري وغيره أموراً يندى لها الجبين.

      علم التاريخ ضمن العالم الإسلامي، بما فيه كثير من المسوح البحث فيه في جامعاته، لا يزال ضمن نطاق المرويات التقليدية المتفق عليها. ولا يمكن الوثوق به.

      • “والأمر الآخر أنه وبعكس التاريخ الأوروبي المدروس بعناية وتفصيل، لا يزال التاريخ الإسلامي بعيداً عن متناول العامة والغلبية الساحقة من الدارسين ضمن حدود العالم الإسلامي”

        لو كانت قد حدثت مجازر بحق الأوروبيين (سواء المسيحيين أو أبناء الديانات الأخرى) لكنت وجدتها في “التاريخ الأوروبي المدروس بعناية وتفصيل”.
        لا أحد سيفوت فرصة كهذه.

        هي آخر وحدة خلص 🤐

      • ليس ربما بحق جميع الأوروبيين لأن الجيوش لم تصل إلى هناك. ولكن في البلقان وسوريا وآسيا. نجدها في تراث اليونانيين والهنود أو ما تبقى منه وفي كتابات مؤرخي الإسلام القدماء أنفسهم.
        عموما هذا ديدن الحروب. ما في شي مختلف. المختلف هنا أننا نتحدث عن فترة بعيدة بعكس فترة التوسعات الأوروبية. وبالتالي التعرف على هذه الأحداث يحتاج إلى جهد أكبر. حتى اليوم مثلا لا يعرف العرب أي شيء عن كيفية الدخول إلى الأندلس حتى أسطورة طارق بن زياد.
        بعض الدراسات الحديثة تقول مثلا إن طارقا هذا شخصية خيالية.

  5. “لا أريد الدخول في مسألة حقوق الإنسان وتطبيقها من قبل المسلمين، لأن المسلمين لم يكونوا واحداً سياسياً”
    أنا لم أتحدث عن دول، أنا تحدثت عن الإسلام وما جاء به، أما التطبيق فأمر آخر. هل يطبق كل المسيحيين تعاليم المسيحية؟ لا.

    وجود معارك كونية وبداية ونهاية للتاريخ لا يعني أن الإنسان ليس مسؤولا عما يصدر عنه. هذا أمر مختلف تماما.
    قدر الله وما شاء فعل نعم، هذا لا يعني أننا نتحرك دون أرادة وتفكير، هذا يعني ببساطة شديدة أن الإنسان مكلف بالعمل لا النتائج، وأنه سيحاسب على أفعاله لا على ما وصلت إليه حاله وحال الكون.

    قدر الله وما شاء فعل تقال مثلا عندما يحاول طبيب أن ينقذ حياة مريض فيشاء الله أن ساعته قد حانت. لا أعتقد أنك تواجه صعوبة في فهم أمر كهذا 😏😏😏

  6. “هل كانت الحقوق المدنية في أيام الترك السلاجقة مثلاً كنظيرتها بعد الثورة الفرنسية في فرنسا؟ هذا خيال روائي :)”

    تقصد مثلا إعدام أطفال ماري انطوانيت الأبرياء بعد انتصار الثورة؟ أم تقصد حروب نابليون التوسعية وما سببته من فظائع بحق البشر والحجر حيث دمرت موسكو وأحرق الكثير من مبانيها التاريخية والجمالية، أم.. يالله حاج بيكفي😏😏😏😏😏

    • الكلام واضح. نحن نتحدث عن نوع الدول والمجتمعات التي نشأت وكيف تعاقدت الجماعات مع بعضها. أما الحروب فلا فروق بينها.
      نتحدث عن كيف أقيم مجتمع المدينة وعلى أية أسس.
      لا يمكن المقارنة بين مجتمع لا يزال يعيش في حرب عشائرية ومجتمع صناعي متمدن.

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.