بقلم فادي أبو ديب

ملحوظة مبدئية: ما يلي هو ضد العقل الجمعي العربي، وتحيّة للأفراد المتمرّدين على هذا العقل.

مشكلة العرب الأساسية كعقل جمعي هي الكذب على النفس والآخر، وعدم معرفة النفس والآخر. كلّهم خبراء في “الصهيونية” وقلة منهم مختصة بالعرب أنفسهم! (وما رأيت وما قرأت لحدّ الآن من يبحث بإخلاص لا في هذه ولا في أولئك).
كلهم يعرفون تفاصيل أخطاء وعيوب وتاريخ أعدائهم بطريقة دونكيشوتية، وقلة منهم تفطن للتدقيق في تاريخها وعيوبها وأخطائها وتشوّهاتها!
استطاعوا ببراعة- أعترف بها- أن يلبسوا وجه تفكيرهم الجمعيّ القبيح لغيرهم ولتاريخ غيرهم، فجسّدوا بدهاءٍ لا واعٍ كلّ عيوبهم في جسدٍ آخر يرمونه بالسِّهام، وهم لا يعرفون ولن يعرفوا أنّهم يطلقون النار على أنفسهم؛ وهكذا فمصيرهم الاضمحلال والفناء الحاصل ثقافياً وإنسانياً، الآجِل جمعيّاً وبشريّاً.
كل أخطائهم من صناعة الغير! وكلّ مؤامراتهم من فعل الآخر! وما فطنوا أنّه لولا وجود العيب فيهم ما استطاع أحدٌ لا التآمر عليهم ولا الإضرار بهم.
هاجمهم فيشتموك، سايرهم فيستقووا عليك! انتقم منهم فيشتموا تاريخك ودينك ويتصنّعوا المسكنة، اغفر لهم فيعتقدوا أنّهم سادوا عليك وأنّ فرائصك ترتعد أمامهم! إذا قاتلتهم سيجعلون من أنفسهم ضحيّة العالمين، وإذا تجنّبهم سيمتصّون خيرك ولا يشكرون!
عشائرهم لا تموت؛ أحقادهم لا تنتهي، قصصهم لا خواتم لها، لا سعيدة ولا تعيسة؛ ما قبلوا ديناً كما هو حتى لو خرج من بين ظهرانيهم، ولا تقبّلوا ثقافةً لا قريبةً ولا بعيدةً إلا سعوا إلى طمسها أو تحريفها، ولا نظروا إلى شيء غريب إلّا ورأوا فيه تآمراً عليهم. حيّروا كلّ أمم العالم في طريقة التعامل معهم؛ فلا اللطف ينتج فيهم تغييراً، ولا الانتداب يحسّن عقلهم الجمعيّ، ولا الاحتلال يجعلهم يعيدون النَّظَر في عيوبهم، ولا الاستيطان يجعلهم يغارون ممن استطاع أن ينجز في عقود ما عجزو عنه في قرونٍ وألفيّات.
إنّه العقل الجمعيّ الأكثر غرابةً في التاريخ المعروف حتى الآن. يشتمون أنفسهم ويمدحون رقيّ باقي الأمم، وفي ذات الوقت يصرّون بشراسة أنّهم وصلوا إلى قمة الحقيقة! وهذه من أهمّ التناقضات المحيّرة في العقل العربي والشخصية الجمعيّة العربية.
وأنا غير آسف على الصراحة!

موضوع مرتبط ومفصَّل:

أمّة على حافّة هرمجدون